شركات النفط الكبرى تفشل في تحقيق أهداف المناخ العالمية

Mar 25, 2024

بعد مرور قرابة العشر سنوات على اتفاق باريس التاريخي في عام 2015، لم تقترب شركات الطاقة الكبرى في العالم من الوفاء بالتزامات تخفيض الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية. جاء ذلك في أحدث تقرير صدر عن مؤسسة “كاربون تراكر” البحثية التي تتخذ من لندن مقرا لها، والمتخصصة في مراقبة تأثير الأسواق المالية والاستثمارات على تغير المناخ.

وخلصت المؤسسة إلى هذه النتائج بعد إجراء مقارنات بين 25 من أكبر شركات النفط والغاز في العالم، بما في ذلك “بي بي” و”توتال إنرجي” و”أرامكو السعودية” و”بيترو تشاينا”.

وقالت ميف أوكونور، الباحثة المشاركة في إعداد التقرير، إن “الشركات في جميع أنحاء العالم تعلن على الملأ أنها تدعم أهداف اتفاقية باريس وتدّعي أنها جزءا من الحل الرامي إلى تسريع وتيرة التحول في الطاقة، لكننا في الواقع نرصد أن خطط هذه الشركات جميعا لا تتماشى مع أهداف اتفاق باريس”.

ويهدف التقرير إلى مساءلة شركات الطاقة والضغط عليها من خلال زيادة توعية المستثمرين بمخاطر الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري الذي يعد أكبر مساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.

وعقب تحليل بيانات الشركات، قام باحثو مؤسسة “كاربون تراكر” بتقييم أداء كل شركة في خمسة مجالات رئيسية، وهي خطط الاستثمار، والمشاريع التي جرى اعتمادها مؤخرا، وخطط الإنتاج، وأهداف الانبعاثات، وسياسات تقديم المكافآت لرؤساء مجالس الإدارة نظير قيامهم بزيادة عمليات الإنتاج.

واحتل عملاق النفط البريطاني “بي بي” المقدمة، على الرغم أنها ما زالت تسكتشف احتياطيات جديدة في القارات الست وتخطط لزيادة كبيرة في إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال، إذ قالت المؤسسة إن شركة “بي بي” هي الوحيدة التي تهدف إلى خفض إنتاجها بحلول عام 2030، مضيفة أن ثلاث من كبرى شركات الطاقة في أوروبا وهي “ريبسول” الإسبانية و”إكوينور” النرويجية و”شل” البريطانية، تعهدت بالحفاظ على ثبات عمليات الإنتاج.

وفي أمريكا، كان من المخطط أن تُخفّض شركة “تشيسابيك إنيرجي” إنتاجها في عام 2024، إلا أن استراتيجيتها طويلة المدى يكتنفها الغموض.

وبشكل عام، فإن جُل الشركات التي شملها تقرير “كاربون تراكر” مازالت تخطط لتوسيع إنتاجها من الوقود الأحفوري خلال السنوات العشر المقبلة، إذ جاء في التقرير أن شركة “كونوكو فيليبس” الأمريكية التي تُعد من أكبر شركات الطاقة متعددة الجنسيات، تعتزم زيادة الإنتاج بنسبة 47% على مدى السنوات الخمس إلى الثماني المقبلة، مقارنة بإنتاجها في عام 2022.

وبحسب التقرير، فإن خطط التوسّع الحالية تتعارض مع الاتجاهات السائدة بشأن مستويات الطاقة، إذ كانت توقعات وكالة الطاقة الدولية العام الماضي تشير إلى أن الانخفاض في الطلب على الوقود الأحفوري سوف يبدأ في المستقبل القريب. وخلال الشهر المنصرم، أفادت الوكالة بأن نمو الطلب العالمي على النفط يفقد زخمه ما دفعها إلى تقليص توقعاتها للنمو في 2024.

وقد احتلت المراتب الخمس الأولى أربع شركات تتخذ من بلدان أوروبية مقرا لها، فيما تذيّلت شركات سعودية وبرازيلية وأمريكية القائمة. وعلى وقع ذلك، فإن كافة الشركات سجّلت درجات سيئة للغاية عند الحُكم عليها فيما يتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية على أساس اتفاقية باريس.

وتُعد “إيني” الإيطالية الشركة الوحيدة التي تمتلك أهدافا “من المحتمل” أنها تتماشى مع أهداف اتفاقية باريس، ما يمهد الطريق أمام تحقيقها صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 في كافة مراحل الإنتاج، بداية من تشغيل محطات النفط والغاز وحتى الأبخرة المنبعثة من محركات السيارات والعمليات الصناعية.

وفي تقرير العام الماضي، قالت وكالة الطاقة الدولية إن معظم الشركات لا تزال تركز فقط على تقليل الانبعاثات الناتجة عن إنتاج ونقل ومعالجة النفط والغاز، والتي تمثل حوالي 15% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية. وبحسب التقرير، فإن “جزءًا فقط من هذه الالتزامات يُطابق وتيرة الانخفاض التي شاهدناها في سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية لعام 2050، فيما تُخطط غالبية الشركات لاستخدام بدائل لتحقيق أهدافها”.

وقالت مؤسسة “كاربون تراكر” إن شركات الطاقة بحاجة إلى الاستعداد للتحول الضروري بعيدا عن النفط والغاز، مضيفة أن هذا المسار من شأنه أن يقلّل من تعرضها لمخاطر الاستثمار بما يصب في صالح حماية كوكب الأرض.

المصدر: دي دبليو عربية