الأسباب الحقيقية وراء حرائق الغابات

Mar 20, 2024

أصبحت حرائق الغابات ظاهرة متكررة ومدمرة على نحو متزايد في جميع أنحاء العالم، حيث شاهدنا على القنوات الإخبارية صورا لحرائق ضخمة للغاية في غابات العديد من دول العالم، وقد تتزامن تلك الحرائق مع بعضها، مثل ما حدث في اليونان وأستراليا في الصيف الماضي، وهو ما يشكل تهديدا كبيرا للتنوع البيولوجي والنظم البيئية والمجتمعات البشرية.

وفي حين أن تغير المناخ غالبا ما يحتل مركز الصدارة في المناقشات حول تصاعد حرائق الغابات، فإن من الضروري التعمق في شبكة من العوامل المعقدة والمتعددة التي تُسهم في هذه الأحداث الكارثية، إذ تلعب الأنشطة البشرية، وممارسات إدارة الأراضي، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، دورا محوريا في تأجيج حرائق الغابات.

وتُعد الأنشطة البشرية من بين الأسباب الرئيسية لحرائق الغابات على مستوى العالم. وفي كثير من الحالات، تشتعل هذه الحرائق نتيجة لتصرفات بشرية عرضية أو متعمّدة، مثل حرائق المخيمات، إذ يمكن أن تؤدي حرائق المخيمات التي تُركت دون مراقبة أو تم إطفاؤها بشكل غير صحيح إلى إشعال حرائق الغابات، خاصة في الظروف الجافة والرياح الشديدة.

كما تُشكّل أعمال الحرق المتعمّد، سواء لتطهير الأراضي أو للتخريب، تهديدا كبيرا للغابات والمجتمعات المجاورة، ففي بعض الدول تحرق السلطات الغابات لتستفيد منها بعد إطفائها، كحطب للمدافئ، حيث لا يُسمح بالتحطيب حفاظا على الغطاء النباتي.

ويمكن لاستخدام الآلات والمعدات، مثل المناشير وآلات جز العشب وخطوط الكهرباء، أن يولّد شرارات أو حرارة تؤدي إلى إشعال النباتات الجافة، خاصة خلال الفترات التي ترتفع فيها مخاطر الحرائق.

كذلك يمكن لممارسات إدارة الأراضي، بما في ذلك إدارة أراضي الغابات وتخطيط استخدام الأراضي وسياسات إخماد الحرائق، أن تخفف أو تؤدي إلى تفاقم مخاطر حرائق الغابات، فقد أدت جهود إخماد الحرائق على مدار القرن الماضي إلى تراكم المواد القابلة للاشتعال، مثل النباتات الميتة، ما يزيد من شدة ومدى حرائق الغابات عند حدوثها.

كما تُسهم العوامل الاجتماعية والاقتصادية أيضا في انتشار وشدة حرائق الغابات، فالفقر وعدم كفاية التخطيط لاستخدام الأراضي يدفع المجتمعات إلى الانخراط في ممارسات غير مستدامة، مثل قطع الأشجار بشكل غير قانوني والحرق، ما يزيد من المخاطر من حرائق الغابات.

وللتصدّي بفعالية لآفة حرائق الغابات، هناك حاجة إلى بذل جهود متضافرة لمعالجة الأسباب الجذرية، وعلى رأسها التثقيف من خلال حملات التوعية حول السلامة من الحرائق، وممارسات الإدارة المسؤولة للأراضي، وعواقب حرائق الغابات.

كما يمكن أن يؤدي إشراك المجتمعات المحلية في مبادرات الوقاية من الحرائق وإدارتها، بما في ذلك أنظمة الحرق والكشف المبكر، إلى تعزيز القدرة على مواجهة حرائق الغابات.

وأخيرا، ونظرا لطبيعة حرائق الغابات العابرة للحدود، يُعد التعاون الدولي وتبادل المعرفة ضروريين لمواجهة التحديات المشتركة وتنفيذ استراتيجيات فعالة لإدارة الحرائق.

بقلم: رامي النسور – صحيفة الخليج