الأشجار… أكبر مصانع للأوكسجين!

Mar 18, 2024

تزخر المواقع الإلكترونية ومعظم وسائل الإعلام بالحديث عن التغير المناخي وأسبابه ونتائجه، ويرشق المتلقي بمعلومات عن هذا الموضوع من كل حدب وصوب، لدرجة تثير مخاوفه مع شعور بعدم القدرة على فعل شيء أمام هذا السيل الجارف من تسارع الأحداث وصخبها، لكن ماذا لو توقفنا لحظة تحت ظل شجرة وفكرنا في الموضوع برهة، ربما يسقط على رؤوسنا حل كما نيوتن من الشجرة.

تعد الأشجار أكبر مصنع للأوكسجين على سطح الأرض، إذ يعتمد حجم إنتاج الأشجار للأوكسجين على عوامل عدة مثل نوع الشجرة وحجمها وظروف البيئة المحيطة بها، وبحسب نتائج البحث الذي نفذته وزارة الزراعة الأميركية، تستطيع شجرة واحدة ناضجة أن تنتج يوميا كمية أوكسجين تكفي لتنفس أربعة أشخاص بالغين.

ويقدر هذا الإنتاج بنحو 120 كيلوغراما إلى 160 كيلوغراما من الأوكسجين سنويا، أي أكثر من 10 كيلوغرامات في الشهر الواحد، إذ تعمل الأشجار كمرشح للهواء الجوي الذي يتنفس منه الإنسان، حيث إنها تصد الغبار وتمتص كل شجرة نحو 1.7 كيلوغرام من الملوثات سنويا.

وأظهرت دراسة علمية حديثة أن مجرد شجرة واحدة يمكن أن تخلق مناخا محليا أكثر راحة، إذ أوقف الباحثون، أثناء تجوالهم في العاصمة الأميركية واشنطن، سيارات مزودة بأجهزة استشعار لقياس درجة الحرارة تحت ظلال الأشجار المتناثرة ولاحظوا تأثير تبريد كبيرا.

وعلى مدار يوم حار وليلة واحدة، جمع الفريق أكثر من 70 ألف قراءة لدرجة حرارة الهواء في أماكن مختلفة في جميع أنحاء المدينة، وبالمقارنة مع الشوارع التي لا تحوي أي أشجار على الإطلاق، كانت المنطقة التي ينتصب فيها عدد قليل من الأشجار الظليلة أكثر برودة في المساء، فحتى عندما غربت الشمس وتوقفت الأوراق عن النضح، شهدت الأحياء التي بها أشجار درجات حرارة أكثر برودة طوال الليل.

وعلى سبيل المثال، فإن شجرة زان واحدة تنتج نحو 545 لترا من الماء خلال يوم صيفي، ما يؤدي إلى تبريد الهواء ورفع نسبة الرطوبة، كما أن شجرة ذات جذع بقطر سبعة سنتيمترات تتساوى في التبريد مع قدرة جهاز تكييف صغير.

أما إذ تحدثنا عن شجرة رخيصة الثمن وسريعة النمو وكثيفة الظلال، فتعد شجرة الزنزلخت من أفضل الأمثلة، فإنها تنتج وحدها 700 كيلوغرام من الأوكسجين وتمتص ألف كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، كما تمتص من التربة 80 كيلوغراما من العناصر السامة، كالرصاص والزئبق، وتخفض درجة الحرارة قرابة الـ4 درجات مئوية.

وكمثال عملي، فقد صُمّم مشروع استعادة النظام الإيكولوجي، كجزء من برنامج الأمم المتحدة للبيئة لبناء المرونة البيئية في أفغانستان، لقرية شابولاك قابريزاغاك في مقاطعة باميان، حيث كانت الوديان والمنحدرات الجبلية فارغة وصحراوية، وغالبا ما تدمر الفيضانات المنازل والممتلكات خلال فصل الربيع بسبب الأمطار الغزيرة، لكن اليوم أصبحت القرية أكثر خضرة، وجعلت الأشجار المكان أكثر جمالا، وتضاءلت سرعة الفيضانات.

بقلم: سنا الشامي – اندبندنت عربية