اختبارات لاستبدال النفط بالسكّر لتقليل البصمة الكربونية

Mar 11, 2024

في واحد من أكبر المجمّعات الكيميائية في أوروبا، تختبر مجموعة كوفيسترو الألمانية تصنيع منتج رئيسي باستخدام السكّر مادة أساسية بدلا من النفط، في خضم مساعي القطاع لتقليص بصمته الكربونية.

ويشمل المشروع التجريبي إنتاج المركّب الكيميائي الـ”أنيلين” الذي يُستعمل في تصنيع المواد الرغوية، ويُستخدم على نطاق واسع في الفرش والكراسي وتصنيع المواد العازلة.

وفيما من المرجّح ألا يكون الإنتاج التجاري الواسع النطاق ممكنا قبل سنوات، تٌشكّل التجربة خطوة صغيرة على مسار سعي الصناعات الكيميائية لتقليص انبعاثات الكربون، إذ يواجه الكوكب حالة طوارئ مناخية كبرى.

وقال والتر لايتنر، المحاضر من جامعة آخن المنخرطة في مشروع الأنيلين، إنه “من أصل مئة مليون برميل من النفط يتم إنتاجها في جميع أنحاء العالم يوميا، يذهب الربع مباشرة إلى الصناعات الكيميائية”، مضيفا أن “الصناعات الكيميائية تحتاج إلى إعادة بناء بشكل كامل”.

وبدأت شركة كوفيسترو لتصنيع البلاستيك، وهي فرع سابق لشركة باير العملاقة للكيميائيات، التجارب في مدينة ليفركوزن في غرب ألمانيا بنهاية عام 2023، بعد التجارب المخبرية.

وباستخدام آلية طوّرها باحثو جامعة شتوتغارت، تتمّ معالجة السكّر المخمّر بمواد كيميائية لصُنع المنتج. ويُستخدم الأنيلين مكوّنا أساسيا لـ”الميثيلين ثنائي الفينيل ثنائي أيزوسيانات” (MDI/Methylene Diphenyl Diisocyanate)، وهو مادة أساسية لتصنيع المنتجات الرغوية.

ويُستخرج الأنيلين من مشتقّات النفط الخام على غرار النفثا والبنزين، لكن عملية إنتاجه يتخلّلها انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، أحد الغازات الدفيئة الرئيسية.

ويبلغ الإنتاج العالمي للأنيلين نحو ستة ملايين طن سنويا، تُنتج كوفيسترو منها نحو مليون طن. لكن المشروع التجريبي في ليفركوزن لا يُنتج إلى الآن سوى كمية ضئيلة، إذ يقتصر ما يتم استخراجه على نحو نصف طن يوميا.

ويُشكّك خبراء في جدوى المقاربة، إذ أكّد ينس غونتر، من الوكالة الفدرالية الألمانية للبيئة، أن استخدام مواد نباتية في التصنيع قد يحدّ من الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن إمكانية أن يؤدي ذلك إلى الحياد الكربوني هو موضع شك في الغالب.

وأوضح غونتر أن هذه هي الحال بالتحديد عندما يتعلّق الأمر باستخدام ما يُسمّى الكتلة الحيوية المزروعة، مثل الذرة وقصب السكر والشمندر السكري.

من جهتها، لفتت جانين كوردوان، من الاتحاد الألماني للبيئة والحفاظ على الطبيعة (BUND)، إلى أن الزراعات الصناعية تولّد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان من خلال تحويل الأراضي وإنتاج الأسمدة والمبيدات الحشرية، وتؤدي أيضا إلى خسائر كبيرة في التنوّع البيولوجي وارتفاع استهلاك المياه.

ومع ذلك، رجّح غونتر أن يؤدي استخدام المواد النباتية في عمليات الإنتاج إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير بالمقارنة مع استخدام الوقود الأحفوري، على الرغم من أن اللجوء لاستخدام مواد النفايات بدلا من المحاصيل المنتجة في الزراعة الواسعة النطاق سيكون أفضل.

وتُجري شركات ألمانية أخرى تجارب في هذا المجال. ويسعى مصنع بادن للأنيلين والصودا (BASF)، وهي شركة عملاقة في مجال الكيميائيات، إلى استخدام النفايات العضوية أو المنتجات الزراعية أو الزيوت النباتية لإنتاج المواد الكيميائية الأساسية على غرار الأنيلين.

يُشار إلى أن قطاع الكيميائيات يُواجه أزمة منذ أن قرّرت ألمانيا ودول عدة الاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الطاقة.

المصدر: أ ف ب