سكان الأمازون وتجارب الاستدامة

Mar 06, 2024

قبل أكثر من 20 عاما، كان لدى نانتو كانيلوس رؤية. فقد رأى زعيم السكان الأصليين، في منامه، كيف تتوهج الأكواخ الخشبية في هذا المجتمع الأمازوني المنعزل من الداخل بينما يلف الليل الغابة المحيطة. هذه القرية التي يبلغ عدد سكانها 100 شخص محاطة ببعضٍ من أكبر احتياطيات النفط في الإكوادور.

ولأكثر من 40 عاما، كان السكان الأصليون المحليون، الأشوار، يدعون إلى وقف استخراج النفط الذي دمر مساحات كبيرة من منطقة الأمازون الإكوادورية. ولكن حتى عندما كانوا يحاربون الوقود الأحفوري، كان البنزين هو خيارهم الوحيد لإضاءة منازلهم وتشغيل القوارب المرتبطة بمعيشتهم، إذ إن هذه المنطقة مزودة بأقل قدر من التغطية الكهربائية في البلاد.

ولكن الآن، أصبح هناك عدد قليل من الألواح الشمسية في 12 قرية في مقاطعتين شرقيتين مليئتين بالغابات الكثيفة في الإكوادور، ما يجعل رؤية كانيلوس تتحقق. والآن تشكل الطاقة الشمسية الطريقة التي يمارس بها السكان حياتهم اليومية، بدءا من كيفية وصولهم إلى العمل وحتى كيفية التفاوض على علاقاتهم بالعالم خارج منطقة الأمازون.

شكل جديد من وسائل النقل في هذا الجزء المنعزل من الغابة، حيث لا توجد طرق، وتكون الأنهار هي الطرق السريعة، وتكون القوارب الصغيرة التي تعمل بالبنزين شائعة الاستخدام، ولكن الآن بدأوا باستخدام القوارب الشمسية التي تتحرك بشكل أبطأ ولا تلوّت الأنهار، وهو ما يمثل فائدة أخرى للمجتمعات التي تعتمد على النهر للحصول على مياه الشرب والاستحمام وإعداد الطعام.

قامت منظمة كارا سولار، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تعزيز الطاقة الشمسية في هذه المنطقة، بمنح السكان المحليين القوارب، والتي ساعدت الأطفال في الوصول بطريقة آمنة إلى المدرسة، إذ كان عليهم -في السابق- عبور جسر معلق متهالك، وعند هطول الأمطار كانوا يغطون أنفسهم بأوراق الموز الكبيرة، على الرغم من خطر السقوط في النهر.

وقالت نيلا أتامين، التي تقوم بتدريس الرياضيات والأدب في مدرسة لاس توناس في كاباوي، إن عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس من المجتمعات المجاورة قد تضاعف الآن.

تعد مقاطعة باستازا، حيث يقع كاباوي، واحدة من أفقر المقاطعات في الإكوادور، حيث يعيش أكثر من 60% من سكانها على أقل من 3 دولارات في اليوم. لكن في العام الماضي، قام فريق من فنيي أشوار بتوصيل المدرسة بألواح شمسية، كما تعمل تقنية الأقمار الصناعية، التي تعمل أيضا بالطاقة الشمسية، على تشغيل شبكة “الواي فاي”، ما مكّن الطلاب من أداء واجباتهم المدرسية على أجهزة الكمبيوتر المحمولة.

وفي مركز كاباوي للطاقة الشمسية، وهو مبنى مفتوح يطل على نهر باستازا، يعمل 20 لوحا شمسيا على تشغيل عشرات المنافذ المربوطة بأعمدة من الخيزران. وهناك، يمكن للفنيين القيام بمهامهم وعقد ورش عمل حول كيفية تركيب اللوحات. كما يضم فندق كاباوي إيكولودج، وهو فندق يديره المجتمع، يستخدم 64 لوحة شمسية تضيء 10 حجرات وغرفة الطعام وغيرها من مرافق الفندق لمدة 24 ساعة في اليوم.

وتعمل الشمس الآن على تشغيل الهواتف المحمولة، فبينما كانت كل عملية شحن تكلف مالا، ناهيك عن التلوث الناتج عن مولدات البنزين، فإن سكان كاباوي يمكنهم الآن شحن هواتفهم مجانا. كما يمكنهم تبادل الرسائل النصية مع العائلة، أو تنزيل البرامج التعليمية لتعلم مهارات جديدة.

كان حلول الليل مكلفا ومرهقا، حيث كان السكان يضطرون إلى ركوب القوارب بالوقود والمصابيح الكهربائية والبطاريات. لكن الآن، تتم إضاءة الأكواخ في شارامينسا بأضواء الطاقة الشمسية، التي تمكن القرية من ممارسة أنشطة الحياة لمدة أربع ساعات أخرى على الأقل بعد غروب الشمس.

بقلم: إيزابيل ألاركون، ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن» – الاتحاد