أنهار السماء… كيف يجعلها التغير المناخي خطيرة؟

Mar 05, 2024

الأنهار الجوية هي أجزاء طويلة وضيقة في الغلاف الجوي للأرض تحمل كميات عالية من الرطوبة، وتمتد على نطاق عشرات إلى مئات الكيلومترات، تنتقل فيها الرطوبة من المناطق المدارية للأرض القريبة من خط الاستواء باتجاه القطبين، ولذلك فهي تبدو وكأنها أنهار جارية في السماء.

وفي المتوسط تمتلك الأرض من 4 إلى 5 أنهار نشطة في الغلاف الجوي في كل الأوقات، ويتحرر محتواها من الرطوبة على شكل هطول أمطار أو ثلوج عندما تصل الأنهار الجوية إلى اليابسة.

ويمكن أن تختلف الأنهار في الغلاف الجوي من حيث الحجم والقوة بشكل كبير. وبينما يحمل نهر الغلاف الجوي المعتدل كمية من بخار الماء تعادل تقريبا متوسط تدفق المياه عند مصب نهر المسيسيبي، فإنه يمكن للأنهار الجوية القوية بشكل استثنائي أن تنقل ما يصل إلى ضعف هذه الكمية بـ15 ضعفا.

كيف تتشكّل أنهار السماء؟

لتشكّل أي نهر في الغلاف الجوي لا بد من توافر ثلاثة عوامل معا:

– أولها، وجود رياح قوية منخفضة المستوى تعمل كطريقة سريعة لنقل بخار الماء عبرها، وتحقق التيارات النفاثة الموجودة في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي هذا الشرط حيث تصل سرعات الرياح فيها إلى 442 كم/ساعة (275 ميلا في الساعة).

– ويأتي بعده ضرورة وجود مستويات رطوبة عالية.

– وأخيرا، وجود تضاريس صاعدة مثل السلاسل الجبلية التي تساعد بدورها على نقل كتلة الهواء من ارتفاع منخفض إلى ارتفاع أعلى، إذ يساهم هذا في تبريد الكتلة الهوائية بسرعة كبيرة مع زيادة الارتفاع، ما يرفع الرطوبة في الهواء ويؤدي في النهاية إلى تكوين السحب، والتي تطلق محتواها على شكل أمطار وثلوج في ظل الظروف المناسبة.

وبصورة عامة، فإن أنهار السماء تتشكّل خلال فصل الشتاء، أي خلال ديسمبر ويناير وفبراير للنصف الشمالي من الكرة الأرضية، في حين تتشكّل خلال يونيو ويوليو وأغسطس في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.

أنهار السماء… جزء من دورة المياه الطبيعية

تُعد أنهار الغلاف الجوي جزءا مهما من مناخ الأرض، فهي مسؤولة عن 90% من حركة الرطوبة من المناطق الاستوائية نحو القطبين، وهو ما يعني أنها عامل رئيسي في تكوين السحب، وبالتالي لها تأثير كبير في درجات حرارة الهواء والأنظمة الإيكولوجية.

وتشير الأبحاث إلى أن أنهار السماء مسؤولة عن أكثر من نصف هطول الأمطار في أجزاء من سواحل أميركا الشمالية وفرنسا وإسبانيا والبرتغال والمملكة المتحدة وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا ونيوزيلندا، كما أنها مهمة لمساهمتها في تشكل العواصف الثلجية المسؤولة عن زيادة التراكم الثلجي بشكل متوازن.

وتساهم أنهار السماء في زيادة مستويات المياه في مستجمعات المياه، ما يعزز التنوع البيولوجي للنظام الإيكولوجي، ويساهم في تجديد احتياطيات المياه الجوفية، إذ تُخزّن المياه العذبة في التراكمات الثلجية خلال الأشهر الأكثر برودة والتي تذوب بعد ذلك أثناء الأشهر الأكثر دفئا، وهو ما يُجدّد مستجمعات المياه ويعيد المياه إلى مستوياتها الطبيعية. وإضافة إلى ذلك، تساعد قدرة الثلج على عكس ضوء الشمس -وبالتالي الحرارة- مرة أخرى إلى الغلاف الجوي على تبريد سطح الأرض.

أنهار السماء والتغير المناخي

من البديهي أن يؤثر تغير المناخ في توقيت وتوزيع الأنهار في الغلاف الجوي، ما قد يعيد توزيع الإمدادات العالمية من المياه، حيث إن ارتفاع درجات حرارة الأرض سيستمر في زيادة محتوى الرطوبة في الهواء، ما يؤدي إلى ارتفاع تواتر وشدة أنهار السماء وما يصاحبها من رياح وهطولات مطرية بشكل عام.

وما يثير القلق أنه في المناخ الأكثر دفئا، تتجه الهطولات الشتوية لكي تكون على شكل أمطار بدلا من الثلوج، هذا بالإضافة إلى أن موسم الشتاء سيشهد زيادات أكبر في هطول الأمطار الشديدة، وبالنسبة للمناطق غير المعتادة على التعرض لكميات أمطار كبيرة يمكن أن تكون هذه التحولات مدمرة نتيجة الفيضانات.

ومن هنا تكمن أهمية فهم كيفية زيادة تواتر وشدة الأنهار في الغلاف الجوي مع تغير المناخ، من أجل التخطيط الأفضل للحفاظ على الأمن المائي، والمساعدة في التوقع بحصول العواصف والفيضانات لضمان السلامة العامة وتقليل الأضرار التي قد تصيب البنية التحتية.

المصدر: الجزيرة