أكثر عطشا وجوعا… الشرق الأوسط في عالم أكثر حرارة بمقدار 1.5°م

Mar 04, 2024

حذر العلماء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) من أن تغير المناخ سيكون له آثار مدمرة ولا رجعة فيها على الشرق الأوسط.

ووفقا للتوقعات، سيؤدي تغير المناخ إلى جعل مساحات شاسعة من الشرق الأوسط أكثر جفافا وأكثر سخونة بحلول نهاية القرن، ما يعرض الزراعة والأمن الغذائي في المنطقة للخطر.

ومع تزايد تقلبات الطقس، من المتوقع أيضا أن تواجه بلدان الشرق الأوسط المزيد من الكوارث المناخية، بما في ذلك حالات الجفاف الشديد والفيضانات.

الأردن… نفاد المياه

إن ارتفاع درجات الحرارة لا يُبشّر بالخير بالنسبة للأردن، الذي يُعد من بين أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه على وجه الأرض. إن كمية المياه المتجددة المتاحة للأردنيين (والتي تشمل متوسط هطول الأمطار السنوي والمياه المتدفقة في الأنهار) تُعد أقل بخمس مرات مما تعتبره الأمم المتحدة “العتبة المطلقة لندرة المياه – 500 متر مكعب للفرد سنويا”.

وبما أن الموارد المتجددة شحيحة، فقد استخدم الأردن المياه غير المتجددة (المياه الجوفية) التي لن تتجدد إلا على مدى آلاف السنين، لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من العواقب، فقد أدّى الطلب المتزايد على المياه على مدى العقود الماضية إلى الجفاف شبه الكامل لمدينة الأزرق، وهي واحة في شمال شرق البلاد جفّت في أواخر التسعينيات بسبب ضخ كميات كبيرة من المياه الجوفية التي كانت تُغذّيها.

وتحولت العاصمة عمّان منذ ذلك الحين إلى “حوض الديسي” للحصول على مياه الشرب، وقد انخفضت مستويات المياه الجوفية في الديسي بنحو متر واحد سنويا على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، وبهذا المعدل، يُقدّر العلماء أن معظم طبقات المياه الجوفية في الأردن سوف تجفّ بحلول عام 2040.

العراق… حرارة لا تطاق

كما هو الحال في الأردن، يُعد الإجهاد المائي مشكلة رئيسية في العراق، ولكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، ما قد يجعل أجزاء من البلاد غير صالحة للعيش.

وفي صيف عام 2023، وصلت درجات الحرارة إلى 49 درجة مئوية لعدة أيام متتالية في مناطق مختلفة من العراق، بل وصلت درجة الحرارة إلى 51 درجة في مدينة البصرة الجنوبية، التي صُنّفت عدة مرات من بين أكثر مدن العالم حرارة. وهذه الأزمة على وشك أن تزداد سوءا.

إن ذروة حرارة الصيف في العراق لها بالفعل آثار مدمرة على الاقتصاد، ما يتسبب في إغلاق الشركات والمؤسسات العامة لعدة أيام كل عام. كما يمكن أن تكون نوبات الحرارة هذه مميتة، إذ تقتل الحرارة بالفعل 1091 عراقيا في المتوسط كل عام.

ووفقا لدراسة أُجريت عام 2023 في المجلة الطبية البريطانية “The Lancet”، فمن المحتمل أن يموت 123 شخصا من كل 100 ألف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب مشاكل مرتبطة بالحرارة بحلول عام 2081، إذا ما استمرت ظاهرة الاحتباس الحراري على نفس المسار.

مصر… سلّة خبز مُتهالكة

وفي أجزاء أخرى من منطقة الشرق الأوسط، يتمثل التأثير الأكثر إلحاحا لتغير المناخ في ارتفاع منسوب مياه البحر الذي يهدد بابتلاع المدن الساحلية والأراضي الزراعية، فقد تضرر بالفعل ما يقدر بنحو 15% من الأراضي الزراعية الأكثر خصوبة في مصر بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والمياه المالحة. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فمن المتوقع أن يتسارع هذا الاتجاه في السنوات المقبلة.

كما تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن ترتفع مستويات سطح البحر العالمية بمقدار 0.28 إلى 0.98 متر بحلول عام 2100، وهو ما من شأنه أن يُغرق مساحات شاسعة من السواحل المصرية خلال العقود المقبلة، بما في ذلك النصف الشرقي من الإسكندرية، وهي مدينة يسكنها أكثر من 5 ملايين شخص.

الوقت ينفد!

يقول العلماء إن 1.5 درجة من الانحباس الحراري العالمي هو الخط الأحمر الذي يهدف المجتمع الدولي إلى عدم تجاوزه أبدا بموجب اتفاق باريس، وهو الحد الأقصى من ارتفاع درجة الحرارة الذي يمكن أن يتحمله الكوكب إذا ما أردنا تجنب أسوأ آثار تغير المناخ، والتي قد تتجسد بعضها في الشرق الأوسط أولا.

ولتأكيد هذا الاتجاه، فقد شهد مطلع هذا العام، 2024، الأشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، والتي تجاوزت فيها درجات الحرارة جميع الأرقام القياسية السابقة.

المصدر: العربي الجديد