تحويل الكربون إلى أهم مادة كيميائية في العالم

Feb 29, 2024

تخيل أن لديك مطرقة تريد أن تجعلها أكثر فعالية في مهمة دق المسامير بالخشب، فيمكنك في هذه الحالة إضافة تعديلات عليها حتى تعمل بشكل أفضل، وهذا يشبه ما فعله باحثون من جامعة سينسيناتي الأميركية، إذ نجحوا في تطوير مادة محفزة من النحاس لجعلها أكثر كفاءة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الإيثيلين الذي يوصف بأنه “أهم مادة كيميائية في العالم”.

ويتجه الباحثون عالميا الآن إلى تحويل ثاني أكسيد الكربون من ملوث بيئي إلى منتجات صناعية مفيدة. وبينما عملت فرق بحثية سابقة على إنتاج الإيثلين من ثاني أكسيد الكربون باستخدام محفز النحاس، فإن هذه العملية قد شابها بعض السلبيات التي نجح الباحثون في التغلب عليها عبر تطوير محفز النحاس لجعله أكثر كفاءة في العمل.

4 خصائص للمنشطات المعدنية

وتحقق المنشطات المعدنية، المضافة لسطح محفز النحاس، هذه الوظيفة عبر أربع خصائص، وهي:

أولا: إضافة المنشطات المعدنية يُعدّل من خصائص سطح المحفز النحاسي، بما يؤثر على عوامل مثل قوة الارتباط للأنواع الوسيطة المشاركة في التفاعل، وتوزيع المواقع النشطة على سطح المحفز، والتفاعل الكلي للمحفز.

ثانيا: تُظهر المنشطات المعدنية، المعتمدة على المعادن، خصائص تحفيزية فريدة بسبب تركيبة كيمياء سطحها، ومن خلال دمج كميات صغيرة منها في المحفز النحاسي يمكن تعزيز النشاط التحفيزي للمحفز.

ثالثا: يمكن للمنشطات المعدنية المضافة لسطح المحفز النحاسي، تعزيز تفاعلات معينة عن غيرها بشكل انتقائي، وفي حالة التحويل الكهروكيميائي لثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين، فإن وجودها يساعد في توجيه التفاعل نحو إنتاج الإيثيلين مع قمع التفاعلات الجانبية المتنافسة التي قد تؤدي إلى تكوين منتجات ثانوية أخرى مثل الإيثانول.

رابعا: تسمح إضافة المنشطات المعدنية بضبط مسارات التفاعل المشاركة في العملية التحفيزية، ويمكن أن يؤدي هذا الضبط الدقيق إلى تحسين انتقائية وكفاءة واستقرار المحفز، ما يؤدي إلى تحسين الأداء العام في إنتاج الإيثيلين.

إنتاج صديق للبيئة

وفي الطرق التقليدية، مثل “التكسير بالبخار”، يجري إنتاج الإيثيلين عادة من خلال التحلل الحراري للهيدروكربونات مثل الإيثان أو النافتا.

وتتضمن هذه العملية تعريض الهيدروكربونات لدرجات حرارة عالية في وجود البخار، ما يؤدي إلى تكوين الإيثيلين ومنتجات ثانوية أخرى.

ولكن الطريقة التي وصفها الباحثون تعتمد على “الاختزال الكهروكيميائي”، حيث يتعرض ثاني أكسيد الكربون في الخلية الكهروكيميائية للاختزال، وهذا يعني أنه بمساعدة الكهرباء يجري تقسيم جزيئات ثاني أكسيد الكربون إلى مركبات أبسط، بما في ذلك الإيثيلين.

وتحتوي الخلية الكهروكيميائية على قطبين كهربائيين مغمورين في محلول “إلكتروليت” يحتوي على ثاني أكسيد الكربون المذاب، وعندما يُمرر تيار كهربائي عبر الخلية فإن جزيئات ثاني أكسيد الكربون الموجودة عند الكاثود (القطب السالب) تخضع للاختزال، ما يؤدي إلى تكوين الإيثيلين ومنتجات أخرى.

ويساعد وجود محفز النحاس المعدل بالمنشطات المعدنية بـ”الكاثود”، على تحسين كفاءة عملية التحويل وتعزيز نشاطها وانتقائيتها تجاه إنتاج الإيثيلين.

4 مزايا بيئية واقتصادية

ومقارنة بالطريقة التقليدية، يحمل هذا الإنجاز أربع مزايا بيئية واقتصادية، وهي:

إنتاج الطاقة الخضراء: فهذه العملية توفر إمكانية إنتاج الإيثيلين باستخدام مصادر الطاقة الخضراء بدلا من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويتوافق هذا الجانب مع الهدف الأوسع المتمثل في الحد من انبعاثات الكربون والانتقال نحو ممارسات طاقة أكثر استدامة.

عزل الكربون: من خلال استخدام ثاني أكسيد الكربون كمادة أولية لإنتاج الإيثيلين، تساعد العملية في إعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبالتالي المساهمة في جهود عزل الكربون والتخفيف من تغير المناخ.

الكفاءة والانتقائية: يعمل محفز النحاس المعدل على تحسين كفاءة وانتقائية عملية التحويل الكهروكيميائية بشكل كبير، ما يؤدي إلى زيادة إنتاج الإيثيلين مقارنة بالطرق التقليدية، وتعد هذه الانتقائية المعززة أمرا بالغ الأهمية لتحسين العمليات الصناعية وتقليل النفايات.

إزالة الكربون من الإنتاج الكيميائي: يمثل تطوير هذه التكنولوجيا خطوة مهمة نحو إزالة الكربون من الصناعة الكيميائية، فمن خلال استخدام الكهرباء من مصار الطاقة المتجددة والمواد الخام المستدامة مثل ثاني أكسيد الكربون، يمكن جعل إنتاج المواد الكيميائية أكثر مراعاة للبيئة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة.

المصدر: الجزيرة