الاستثمار في التغير المناخي

Feb 28, 2024

كثير ما نسمع عن أهمية توحيد جهود القطاع الحكومي والخاص لمواجهة التهديد المتزايد للتغير المناخي والحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، وهناك إجماع على الحاجة الماسّة إلى اتخاذ الإجراءات وتمويل الحلول للتخفيف من آثار التغير المناخي، وتمهيد الطريق لاقتصاد منخفض الكربون عبر خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتوفير حلول الطاقة النظيفة إلى الدول النامية.

وتسعى أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إلى مواجهة تلك التحديات البيئية، إذ ورد في أحد تقاريرها الدورية حاجة العالم ما بين 3 إلى 5 تريليون دولار سنويا لجعل أهداف التنمية المستدامة حقيقة واقعة، وهذه أرقام فلكية بكل معنى الكلمة، وتحتاج إلى رأس مال حقيقي من أجل الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون والتخفيف من آثار التغير المناخي، إذ أصبح تمويل مشاريع التغير المناخي في وقتنا الحاضر أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

يُعد تبنّي مصادر الطاقة النظيفة وتقليل الاستخدام العام للطاقة واتباع كفاءة الطاقة خطوة أولى حاسمة في التخفيف من التغير المناخي وتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، بيد أن الانتقال الناجح إلى اقتصاد منخفض الكربون يتطلب شراكات من أجل تمويل مشاريع التغير المناخي. وتلعب مجموعة متنوعة من المؤسسات المالية دورا في تمويل هذه المشاريع، لكنها تواجه تحديين حقيقيين: المخاطر المادية المباشرة ومخاطر التحول التي تنشأ عن استجابة المجتمع للتغير المناخي.

من السهل ملاحظة المخاطر المادية وفهمها بالنسبة للشركات، لأنها تنشأ من التعرّض للأحداث الحادة، لكن لا تزال مخاطر التحول أقل وضوحا، لأنها تعتمد على الالتزامات العالمية لإزالة الكربون. إن ما يقرب من 60% من الشركات الأوروبية تعرضت للمخاطر مقارنة بـ50% في الولايات المتحدة، ويُعزى السبب إلى حالة عدم اليقين بشأن التنظيم والضرائب اللذين يشكلان أكبر تهديد أمام الاستثمارات المتعلقة بالتغير المناخي. ولقد ذكر بنك الاستثمار الأوروبي في أحد تقاريره السابقة أن نحو 45% من شركات الاتحاد الأوروبي تعمل في مجال التغير المناخي مقارنة بـ32% من الشركات في الولايات المتحدة.

وشهدت أوروبا الغربية والشمالية أكبر حصة من الشركات المستثمرة في هذه الإجراءات بنسبة 50%. وعندما يتعلق الأمر باستثمارات محددة في التغير المناخي، يستمر الدفع بقوة نحو مشاريع كفاءة الطاقة، حيث ارتفعت استثمارات ما يقرب من نصف الشركات في دول الاتحاد الأوروبي في تلك المشاريع إلى 47% في عام 2020.

أخيرا، ترتكز مشاريع التغير المناخي عالميا على الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والزراعة والغابات وإدارة مصادر المياه المستدامة، وهذا ما جعل السعودية -مثلا- تتوجه في كثير من مبادراتها إلى التشجير وزيادة الغطاء النباتي، مثل مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، إضافة إلى مشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والمياه المستدامة.

بقلم: عصام العمار – صحيفة الاقتصادية