استمرارية وشمولية الطاقة النظيفة!

Feb 26, 2024

في السعي الواضح نحو الانتقال من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة النظيفة، حدثت بعض المفارقات. هناك من يرى الأهمية القصوى لاعتماد الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة المائية وطاقة الرياح، ونحوها، وإدخالها في الحياة البشرية وإلزام الناس باستخدامها بدلاً عن الطاقة السائدة، وهناك من يرى المزج بين الطاقة الأحفورية والطاقة النظيفة، وفريق ثالث يرى بأن هذا الموضوع برمته يخضع لقانون العرض والطلب، وقانون الجدوى الاقتصادية، وقانون الوفرة والفائدة، فإذا رأوا الناس أن الطاقة النظيفة أكثر جدوى وأرخص ومتطورة بما يكفي لتلبي احتياجاتهم، فإنهم دون شك سيتوجهون لها، وستكون هي الطاقة المهيمنة، ولا يوجد ما يدعو لأي تحرك دعائي لجذب اهتمام الجمهور بهذا النوع من الطاقة أو ذلك النوع.

في تصوري أن تعدد الآراء في مجال الطاقة واستخداماتها غير مبرر، لأننا نلحظ ونشاهد بأن الطاقة النظيفة ليست بالقوة الكافية التي تشغل المصانع، وتحرك النهضة البشرية وتتواكب مع النمو والتطور الحضاري، كما تحتاج إلى المزيد من الابتكارات والمخترعات، وانخفاض قيمتها ليتمكن الناس من استخدامها على نطاق واسع.

لا يمكن إزاحة الطاقة الأحفورية بقرار أو برغبة، لأنها الطاقة التي تمد العالم بشريان الحياة، هي الطاقة التي قامت عليها الآلات، وهي الطاقة التي نهضت بواسطتها شبكة الإنترنت، وفي ظلها حدثت ثورة الاتصالات، وتطورت التكنولوجيا على تعددها وتنوعها. لا يمكن أن نوقف هذه الطاقة، مع أن الرغبة ماثلة باستبدالها بالطاقة النظيفة، ذلك أن الطاقة النظيفة يفترض فيها الاستمرارية والشمولية، والأهم أنها ستكون في متناول الناس جميعا، ما يجعلها بحاجة إلى تطور التكنولوجيا المستخدمة فيها، وانخفاض أسعارها.

دون شك أن تزايد الاهتمام بالطاقة النظيفة والمستدامة أمر إيجابي وصحي، ولكن يجب أن يتم في إطار صحيح ومخطط له. الثورة التكنولوجية أسهمت في تحريك هذا التوجه بشكل أسرع، ونرى دخول تقنيات جديدة وحديثة في الصناعات التي تستهدف توليد الكهرباء من الشمس والمياه والرياح، ومن الحرارة الجوفية كذلك، وهذه جهود رائعة ومبشرة بمستقبل أخضر وواعد للبشرية.

بقلم: شيماء المرزوقي – صحيفة الخليج