تعزيز العمل المناخي بالقطاع المالي في الأردن

Feb 25, 2024

تُولِي البنوك المركزية والجهات التنظيمية للقطاع المالي والأجهزة الرقابية اهتماماً شديداً بالآثار الناجمة عن تغير المناخ. ومن الممكن أن تؤثر المخاطر المناخية والبيئية على الاستقرار المالي، لكنها تتيح أيضاً فرصاً جديدة للتمويل الأخضر، حيث يمكن للقطاع المالي أن يصبح محركاً رئيسياً في تعبئة تريليونات الدولارات من التمويل المناخي الذي تشتد الحاجة إليه. وبما أن العمل المناخي الناجح يتطلب نهجاً شاملاً على مستوى الاقتصاد بأكمله، فإن “تخضير” القطاع المالي يتطلب أيضاً نهجاً “شاملاً للقطاع المالي بأكمله”.

لا يزال البنك الدولي يقود مساندة البلدان النامية في تخضير قطاعاتها المالية عبر طائفة واسعة من المجالات، تشمل إجراء تقييمات للمخاطر المناخية، ومساندة البنوك المركزية والجهات التنظيمية للقطاع المالي في دمج الاعتبارات المناخية في أطرها الإشرافية والتنظيمية، وتطوير أدوات أسواق رأس المال المراعية للمناخ، ودعم التصنيفات الخضراء، وأسواق الكربون الطوعية، وغيرها من المجالات، وجميعها تستند إلى الخبرات والمعارف العالمية التي يتمتع بها البنك الدولي.

وأسفر التعاون الذي تم مؤخراً بين البنك الدولي والبنك المركزي الأردني عن مخطط للطريقة التي يمكن أن تلجأ إليها البنوك المركزية والجهات التنظيمية للقطاع المالي في جميع أنحاء العالم للتحرك نحو قطاع مالي أكثر اخضراراً، ويمكن لهذه التجربة أن تثري أجندة التمويل الأخضر في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها.

وفي نوفمبر 2023، بدأ البنك المركزي الأردني مسيرته نحو تخضير القطاع المالي بإطلاق استراتيجية التمويل الأخضر 2023 – 2028. ويفخر البنك الدولي بتقديمه للمساعدة الفنية في إعداد هذه الاستراتيجية، ونأمل أن تكون مصدر إلهامٍ للبلدان الأخرى. ويمتد دعمنا لإعداد إستراتيجيات مماثلة من بدايتها حتى تنفيذها، ليشمل أنشطة إسداء المشورة بشأن النطاق ومستوى التفاصيل، وتوفير الممارسات الدولية الجيدة وأحدث التطورات في إدارة المخاطر المناخية والتمويل الأخضر، والمساعدة في اختيار الأهداف ووضع خطط العمل اللازمة لتحقيقها، وتيسير مشاركة أصحاب المصلحة، بما في ذلك تقديم المساندة في إجراء المسوح الاستقصائية الأساسية، وغيرها.

كان الأردن من أوائل البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال العمل المناخي، حيث قدم التزامات طموحة بشأن تغير المناخ قبل ثماني سنوات. غير أن الوفاء بهذه الالتزامات يتوقف إلى حد كبير على تأمين تمويل لم يتم تحديده بعد. وتظهر الحسابات البسيطة أنه إذا افترضنا أن 20% من محافظ الائتمان للقطاع المصرفي الأردني أصبحت خضراء، فإن ذلك سيغطي أكثر من النسبة المتوقعة لمساهمة القطاع الخاص في احتياجات الأردن من الاستثمارات المناخية التي تبلغ 10 مليارات دولار بحلول عام 2030.

وتتضمن استراتيجية البنك المركزي الأردني للتمويل الأخضر برنامج شامل لبناء قدرات التمويل الأخضر، وأول تقييم للمخاطر المناخية للقطاع المالي في الأردن، ودمج الاعتبارات المناخية في إطار رقابي تحوّطي يختص بجوانب الاقتصاد الجزئي والاستقرار المالي، واللوائح والإرشادات لدمج العوامل المراعية للمناخ والعوامل البيئية في جميع جوانب عملية اتخاذ القرار المالي، بما في ذلك هياكل حوكمة الشركات، وإدارة المخاطر والضوابط الداخلية، والإفصاح وإعداد التقارير والتمويل الأخضر، والتمويل الأخضر الشامل للجميع، والتمويل الإسلامي المستدام، وتدابير تعبئة التمويل الأخضر. وترافق جميع المعالم المرحلية المهمة خطط عمل تفصيلية تتضمن أهدافاً وجداول زمنية لتحقيقها، وتمتد لتشمل القطاع المصرفي والتأمين والمؤسسات المالية غير المصرفية.

سيواصل البنك الدولي جهوده لمساندة تنفيذ هذه الاستراتيجية، حيث يجري حالياً تقييم المخاطر المناخية، كما أنه من المتوقع أن تشهد الأشهر القليلة القادمة تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الشامل لبناء قدرات التمويل الأخضر، فضلاً عن بدء العمل في تنفيذ التصنيف الوطني الأخضر.

بقلم: أندريوس سكارنوليس وإرينا أسكتراخان – مدونات البنك الدولي