لماذا تزيد انبعاثات غاز الميثان في الأراضي الرطبة؟

Feb 24, 2024

حلّل فريق بحثي من مختبر “لورانس بيركلي” التابع لوزارة الطاقة الأميركية، بيانات انبعاثات غاز الميثان في الأراضي الرطبة عبر منطقة القطب الشمالي بأكملها، حيث وجد أن هذه الانبعاثات زادت بنسبة 9% تقريبا منذ عام 2002.

وتُعتبر الأراضي الرطبة أكبر مصدر طبيعي لغاز الميثان على وجه الأرض، وهو أحد أنواع الغازات الدفيئة أقوى بنحو 30 مرة من ثاني أكسيد الكربون في التأثير على ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

والأراضي الرطبة هي أنظمة بيئية تتميز بأرض مشبعة بالمياه، إما بشكل دائم أو موسمي، وهي بيئات متنوعة وديناميكية تدعم مجموعة واسعة من الأنواع النباتية والحيوانية، وتشمل المستنقعات، وأشجار المانجروف، وغيرها، وتتواجد في بيئات جغرافية مختلفة، بما في ذلك المناطق الساحلية، والسهول الفيضية النهرية، والمنخفضات المرتفعة.

وتعتبر الأراضي الرطبة حلا طبيعيا للتهديد العالمي لتغير المناخ، فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تساعد على إبطاء الاحتباس الحراري، وتقليل التلوث.

وتُخزن أراضي الخث وحدها ضعف كمية الكربون التي تخزنها جميع غابات العالم مجتمعة، لكن عند تجفيف الأراضي الرطبة وتدميرها، تنبعث منها كميات هائلة من الكربون. والخث هي تربة غير متماسكة تتكون إلى حد كبير من مواد عضوية غير كاملة التركيب أو متحللة قليلا، تراكمت في ظروف الرطوية الشديدة.

كما تعد الأراضي الرطبة حاجزا ضد تأثيرات الفيضانات والجفاف والأعاصير وأمواج تسونامي، فضلا عن أنها تعزز المرونة في مواجهة تغير المناخ.

تقلّبات في الهيدرولوجيا

وينبعث الميثان من الأراضي الرطبة في المقام الأول بسبب العمليات الميكروبية اللاهوائية التي تحدث في التربة المشبعة بالمياه. وفي هذه البيئات، تزدهر الكائنات الحية الدقيقة الميثانوية في غياب الأكسجين، ما يؤدي إلى تحلل المواد العضوية وإطلاق غاز الميثان كمنتج ثانوي أيضي.

ويتم تسهيل عملية التحلل هذه من خلال عوامل عديدة، مثل درجات الحرارة الأكثر دفئا، ومستويات الرطوبة العالية، ووجود المدخلات العضوية مثل المواد النباتية الميتة. وتساهم نباتات الأراضي الرطبة في انبعاثات غاز الميثان من خلال النقل الهوائي، ما يسهل الظروف اللاهوائية في التربة.

كما إن التقلبات في “الهيدرولوجيا”، وهي علم المياه، في إشارة إلى دراسة المياة وتوزيعها فوق الأرض وصفاتها وخصائصها الطبيعية والكيميائية وتفاعلها مع البيئة والكائنات الحية، بما في ذلك التغيرات في مستوى المياه والفيضانات الموسمية، تُؤثر بشكل أكبر في إنتاج الميثان، من خلال التأثير على محتوى رطوبة التربة، والنشاط الميكروبي.

قياس دقيق للميثان

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة النشاط الميكروبي ونمو النباتات، وهو ما يرتبط بانبعاثات الغازات مثل غاز الميثان. ومن خلال فهم كيفية تغير المصادر الطبيعية للميثان، يمكن مراقبة الغازات الدفيئة بشكل أكثر دقة لإبلاغ العلماء عن الحالة الحالية والمستقبلية لتغير المناخ.

ورغم حقيقة أن الميثان يبقى في الغلاف الجوي لفترة أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون (10 مقابل 300 عام)، فإن البنية الجزيئية للميثان تجعله أكثر قدرة على رفع درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 30 مرة، مقارنة بثاني أكسيد الكربون.

ولا تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تعزيز النشاط الميكروبي للميكروبات التي تُطلق الميثان الموجودة في التربة المشبعة فحسب، بل إنها تزيد أيضا من المساحة التي تحتوي على تربة مشبعة بالمياه، إذ تزدهر هذه الكائنات الحية الدقيقة مع ذوبان التربة المتجمدة، وتساقط المزيد من الأمطار بدلا من هطول الثلج.

ولهذا السبب توقع العلماء أن تتزايد انبعاثات غاز الميثان في مناطق خطوط العرض العليا هذه، ما جعل قياس كمية غاز الميثان بشكل أكثر دقة أمرا مُلحّا.

زيادة حرارة الغلاف الجوي

إن درجة الحرارة هي المسيطر السائد على انبعاثات الأراضي الرطبة وتقلبها في النظم البيئية الشمالية والقطبية الشمالية. ويمكن أن يقود هذا إلى ردود فعل مناخية، إذ تؤدي انبعاثات الميثان الناتجة عن النشاط الميكروبي المتزايد إلى زيادة درجات حرارة الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى المزيد من انبعاثات الميثان.

كما تؤدي زيادة إنتاجية النباتات إلى زيادة كمية الكربون في التربة، التي تُغذي الميكروبات المنتجة للميثان. وعندما تكون النباتات أكثر إنتاجية ونشاطا، تُطلق ركائز تساعد الميكروبات على النمو، ما يزيد من انبعاثات غاز الميثان في الأراضي الرطبة.

المصدر: بيركلي لاب نيوز