التصحر وانعدام الأمن الغذائي والمائي

Feb 23, 2024

كثير من الناس على دراية بمساهمة الإنسان في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، ولكن هناك أثرا بيئيا ثالثا نادرا ما يحظى بالاهتمام الذي يستحقه، إنه التصحر، المعروف أيضا باسم “تدهور الأراضي”. العالم يخسر بسرعة الأراضي الصالحة للاستخدام لأسباب تتراوح بين الزراعة المكثفة والرعي الجائر للماشية، إلى التطوير العقاري وتغير المناخ.

“إنها فرصة ضائعة”، كما يقول إبراهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي ألمح إلى أن الناس يعتقدون أن الأمر يتعلق فقط بالصحاري، وأضاف “هناك سوء فهم لمصطلح التصحر، لهذا السبب نستخدم أيضا مصطلح تدهور الأراضي”. ومن المفارقات أن أحد أكبر التحديات في مكافحة تدهور الأراضي هو تحد عالمي يتعلق بانعدام الأمن الغذائي والمائي؛ فنحن بحاجة إلى أن نأكل ونشرب.

يتم استخدام حوالي 40% من أراضي الكوكب -5 مليارات هكتار- للزراعة، وثلث تلك المساحة مخصصة لزراعة المحاصيل، والباقي لرعي الماشية. وللأسف، لا يتمتع العالم بسجل حافل فيما يتعلق بالممارسات الزراعية المستدامة، إذ أدّى النشاط البشري إلى تدهور ما يقرب من ملياري هكتار من الأراضي، وقد ساهم ذلك في إطلاق حوالي 500 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاضطرابات التربة، أو حوالي ربع إجمالي الغازات الدفيئة التي تساهم في ارتفاع درجات الحرارة اليوم، ومن الممكن أن يؤدي المزيد من تدهور الأراضي حتى عام 2050 إلى إضافة 120 مليار طن أخرى من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.

وقال ثياو إن تركيز الاهتمام على مشاريع استعادة الأراضي يمكن أن يغيّر هذا السيناريو رأساً على عقب، كما وجد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن استثمار حوالي 2.7 تريليون دولار سنوياً في استعادة النظام البيئي والزراعة المتجددة ونماذج الاقتصاد الدائري يمكن أن تساعد في إضافة ما يقرب من 400 مليون وظيفة جديدة، وتوليد أكثر من 10 تريليونات دولار من القيمة الاقتصادية سنويا.

وأوضح ثياو أن الحكومات على مستوى العالم تنفق أكثر من 600 مليار دولار على الدعم الزراعي المباشر الذي يمكن إعادة توجيهه نحو ممارسات تساعد في استعادة الأراضي وزيادة الإنتاجية، مضيفا “لا يوجد شيء غير عقلاني أكثر من أخذ المال العام لتدمير رأس المال الطبيعي الخاص بك”.

قد يكون أحد أسباب تجاهل مشكلة تدهور الأراضي إلى حد كبير هو أن البشر فقدوا ارتباطهم بالأرض، بحسب ما يرى أسامة فقيها، رئيس مؤتمر الأطراف السادس عشر بشأن التصحر، والذي سيعقد في المملكة العربية السعودية هذا العام، إذ قال “يعيش جزء كبير من السكان في المدن الآن، فنحن نعيش في غابة خرسانية، وقلة قليلة من الناس لديهم صلة مباشرة بإنتاج الغذاء”.

وربما يكون هناك تفسير آخر يتعلق بالكيفية التي تعاملت بها الدول الغنية مع المشكلة، حيث يقول ثياو “لفترة طويلة كانت الدول المتقدمة تعتبر هذه القضية قضية إفريقية، ولم يكن يُنظر إليها على أنها قضية عالمية”. واليوم؛ يؤثر تدهور الأراضي والجفاف على كل بلاد العالم تقريبا. حتى أكبر اقتصاد في العالم غير قادر على تجاهل تدهور الأراضي.

وقال وزير االخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في المنتدى الاقتصادي العالمي، إنه من المتوقع أن يزيد الطلب العالمي على الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2050، حتى مع أن تغير المناخ يمكن أن يقلل الإنتاج العالمي بنسبة 30%، مضيفا “إن رب الأسرة الذي لا يستطيع توفير الطعام لأطفاله ينتقل مع أسرته إلى مكان آخر، وإذا كان ذلك يعني التحرك حول العالم؛ فسيفعلون ذلك، وهذا يدفع في تدفق أعداد غير مسبوقة إلى الهجرة”.

بقلم: أكشات راثي – ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست» – الاتحاد