كيف يؤثر تغير المناخ على التنوع البيولوجي؟

Feb 23, 2024

تأثيرات التغير المناخي عميقة، بدءا من ارتفاع درجات الحرارة وذوبان القمم الجليدية وحتى الظروف الجوية القاسية، ولهذه العوامل تأثيرات كبيرة على التنوع البيولوجي على الأرض، والذي يعد ضروريا لصحة الكوكب وبقائه، حيث انخفضت أعداد الحياة البرية بنسبة 69% في المتوسط منذ ما يزيد عن 40 عاما.

الاحتباس الحراري

يُعد ارتفاع درجات الحرارة العالمية، والمعروف أيضا باسم “الاحتباس الحراري”، أحد أهم جوانب تغير المناخ. ويشير المصطلح إلى زيادة الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، في الغلاف الجوي، والتي تحبس حرارة الشمس، وترتبط هذه الحرارة المحتبسة -بشكل مباشر أو غير مباشر- بفقدان الموائل على نطاق واسع على الأرض وفي البحر.

وعلى السطح، تذوب القمم الجليدية والأنهار الجليدية القطبية، وهذا يتسبب في ارتفاع مستويات سطح البحر والتعدي على الموائل الساحلية ومنطقة “التندرا” في القطب الشمالي.

ليس هذا فحسب، بل تتأثر أنماط هطول الأمطار العالمية أيضا، ويمكن أن تؤدي التغيرات في أنماط الطقس إلى تغيرات بيئية شديدة، مثل “التصحر” بتحول الموائل البرية مثل الأراضي العشبية أو الشجيرات ببطء إلى صحاري.

وفي المحيطات أصبحت تركيزات ثاني أكسيد الكربون الآن أعلى مما كانت عليه خلال الـ800 ألف سنة الماضية. ونتيجة لذلك، أصبحت بحارنا أكثر دفئا، وأصبحت المحيطات أكثر حمضية، ومن المعروف أن هذه الظروف تسبب ابيضاض المرجان الشامل.

تغير أنماط الطقس

تؤدي أنماط الطقس المتغيرة إلى تعطيل دورات الحياة والأحداث الموسمية، ويؤثر تغير المناخ أيضا على التنوع البيولوجي من خلال الإخلال بتوقيت الدورات والأحداث الطبيعية.

التغيرات المتكررة في أنماط الطقس، مثل أوائل الربيع أو الشتاء الدافئ، يمكن أن تعطل الإيقاع الطبيعي للحياة، وغالبًا ما تأخذ الحيوانات إشارات من بيئتها عند اتخاذ قرارات مهمة، مثل موعد الهجرة أو موعد التكاثر.

إن تغييرات كبيرة في أنماط الطقس يمكن أن تعني أن الأحداث البيولوجية تصبح غير متزامنة وتحدث في أوقات مختلفة. على سبيل المثال، تصل الطيور إلى مناطق التكاثر عندما يكون مصدر الغذاء نادرا، وهذا يمكن أن يهدد بقاءهم وكذلك جهودهم في التكاثر.

الكوارث الجوية

الطقس المتطرف والكوارث المرتبطة بالطقس المتكررة تضر بالحياة البرية، ويتسبب تغير المناخ في حدوث أحوال جوية متطرفة مثل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات في كثير من الأحيان وتكون أكثر حدة.

مثل هذه الأحداث المأساوية لا تؤثر على البشر فحسب، بل إنها تدمر أيضا الموائل وتقتل الحياة البرية. على سبيل المثال، أدت حرائق الغابات الأسترالية في الفترة 2019-2020 إلى حرق ما يقرب من 19 مليون هكتار من الأراضي، كما أثرت على ما يقرب من 3 مليارات حيوان، بما في ذلك الكوالا والومبت والكنغر والولب.

ووفقًا لمؤسسة “National Trust” كان الطقس القاسي في عام 2022 سيئا للغاية بالنسبة للحياة البرية في المملكة المتحدة، حيث أثر جفاف الأنهار والجداول على التجمعات البرية لضفادع ناترجاك في شمال غرب إنجلترا.

اختلال مسارات الأنواع

تحولت النطاقات الجغرافية للعديد من الأنواع الحيوانية والنباتية من خطوط العرض المنخفضة إلى خطوط العرض المرتفعة استجابة لتغير المناخ. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إنشاء مسارات جديدة للأنواع الغازية التي لا تنتمي إلى منطقة معينة، وغالبا ما يتم تقديمها عن طريق النشاط البشري.

وعندما يتغير المناخ يمكن للأنواع الغازية أن تنتقل إلى موائل جديدة وتتنافس مع الأنواع المحلية على الغذاء والمأوى والمساحة. كما يمكنهم أيضا إدخال أمراض جديدة، فعلى سبيل المثال؛ كانت السناجب الحمراء مشهدا شائعا في المملكة المتحدة، وهي نوع السناجب المحلي الوحيد، لكن عددها آخذ في الانخفاض لسنوات عديدة منذ إدخال السناجب الرمادية من أمريكا الشمالية في القرن التاسع عشر.

زيادة صراع الإنسان والحياة البرية

يُسهم تغير المناخ أيضا في الصراع بين الإنسان والحياة البرية، ونتيجة تقلص الموائل البرية وندرة مصادر الغذاء، تضطر الحيوانات إلى الاقتراب أكثر فأكثر من المستوطنات البشرية، ما يؤدي إلى زيادة التفاعلات بين البشر والحياة البرية، والذي ينتج عنه في كثير من الأحيان الإضرار بالطرفين.

فمن فقدان المحاصيل والماشية إلى فقدان الأرواح البشرية والحيوانات المعنية، بالإضافة إلى ذلك هناك أيضا خطر انتقال المرض إلى كل من الحيوانات والبشر، فالصراع بين الإنسان والحياة البرية هو قضية عالمية قادمة، وهذا يشكل تحديا كبيرا للحفاظ على التنوع البيولوجي، وكذلك لصحتنا ورفاهيتنا، فهو يُسهم في انخفاض الحياة البرية وانقراض الأنواع.

ربما يكون انقراض الأنواع هو التأثير الأكثر إثارة للقلق لتغير المناخ على التنوع البيولوجي، والأكثر عرضة للخطر هم أولئك الذين لديهم نطاقات مناخية محدودة، مثل الدببة القطبية والثعالب القطبية الشمالية. كما أن الأنشطة البشرية الأخرى، مثل إزالة الغابات والصيد الجائر، تثير القلق أيضا.

إن فقدان الأنواع لا يقلل التنوع البيولوجي فحسب، بل يشير أيضا إلى انهيار النظام البيئي، وإذا واصلنا كالمعتاد فهناك خطر فشل النظام العالمي، ما لم نتخذ إجراءات عاجلة. على سبيل المثال؛ إذا فقدنا النحل فقد نفقد جميع النباتات التي يلقحها، وسيؤثر ذلك على جميع الحيوانات التي تأكل تلك النباتات، بما في ذلك البشر. إن عالماً خالياً من النحل قد يعني زيادة في انعدام الأمن الغذائي العالمي.

ولحماية التنوع البيولوجي من تغير المناخ يتعين علينا أن نركز على الحلول الكبيرة. نحن بحاجة إلى تغييرات واسعة النطاق، والتي تشمل الحد من الغازات الدفيئة من خلال استخدام المزيد من المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتنفيذ سياسات الحفاظ على الحياة البرية عبر استعادة النظم البيئية المتضررة وحماية المساحات البرية، بالإضافة إلى إنشاء المزيد من ممرات الحياة البرية والمساحات الخضراء المحمية، وهذا يسمح للأنواع بالتحرك بحرية بين الموائل، وكذلك تمويل البحوث ورصد الحياة البرية، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأنواع المهددة بالانقراض وتلك المعرضة لخطر تغير المناخ.

المصدر: العين