الزراعة الحضرية تتسبب في تغير المناخ!

Jan 28, 2024

أثارت ممارسات الزراعة الحضرية العديد من الأسئلة لدى الباحثين حول التأثير المناخي لذلك النوع من الزراعة، حيث سعت مجموعة بحثية لإجراء دراسة تقارن بين انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة التقليدية والحضرية، ووجدوا أنّ البصمة الكربونية للزراعة الحضرية أكبر 6 مرات عن التقليدية، ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية “نيتشر سيتيز”.

ووفقاً للدراسة، تُقدر أعداد الناس الذين يمارسون الزراعة الحضرية نحو 20 إلى 30%. لذلك فحص الباحثون التأثيرات المناخية في 5 بلدان، وهي: فرنسا، ألمانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، بولندا، المملكة المتحدة. وجمعوا بيانات من 73 مزرعة وحديقة حضرية، وقسموها إلى 3 فئات:

– المزارع الحضرية: تُدار بصورة احترافية لإنتاج الغذاء.

– الحدائق الفردية: عبارة عن قطع أرض صغيرة تُدار بواسطة أشخاص منفردين.

– الحدائق الجماعية: مساحات مشتركة كبيرة تُدار بواسطة مجموعات من الأشخاص.

وقام الباحثون بحساب انبعاثات الغازات الدفيئة المتغيرة للمناخ، وهي مرتبطة بالمواد والأنشطة الموجودة في المزرعة على مدار عمرها، حيث تم مقارنة الانبعاثات لكل حصة من الغذاء المُنتج في المزارع الحضرية بنظيرتها من الغذاء التي تُنتج عبر الزراعة التقليدية، ووجدوا أنّ الغذاء المُنتج من الزراعة الحضرية يُطلق نحو 420 غرام من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون، بينما الغذاء المُنتج من الزراعة التقليدية يُطلق 70 غرامًا فقط، وهذا يعني أنّ الزراعة الحضرية تُطلق انبعاثات دفيئة تعادل المنطلقة من الزراعة التقليدية 6 مرات.

مواد البناء

استخدم الباحثون بعض العوامل لقياس مقدار الغازات الدفيئة المنبعثة من الزراعة الحضرية، من ضمنها:

– البنية التحتية؛ وتتمثل في الأَسِرّة المرتفعة التي يُزرع فيها المحصول، أو الممرات بين قطع الأراضي.

– الإمدادات؛ وتتمثل في الأسمدة ومضادات الأعشاب الضارة وبنزين الآلات.

– الري باستخدام الماء.

تنطلق الغازات الدفيئة عند صناعة المواد المستخدمة في المزارع الحضرية، ولأنّ المزارع الحضرية عادةً لا تبقى لأكثر من 10 سنوات، فإن كمية الغازات المنطلقة في أثناء التصنيع أقل من الفوائد العائدة، ما يجعل الزراعة التقليدية أكثر تفوقًا عن الزراعة الحضرية.

ممارسات مقترحة

حدد الباحثون أفضل 3 ممارسات لجعل الزراعة الحضرية أكثر قدرة على المنافسة مع الزراعة التقليدية، وهي:

1- زيادة عمر البنية التحتية: إطالة عمر مواد البناء، بدلًا من أن يكون عمر الأَسِرّة المرتفعة 5 سنوات ليصبح 20 عامًا، فالأثر البيئي للأولى أعلى 4 أضعاف الأثر البيئي للأخيرة.

2- إعادة استخدام النفايات الحضرية: هذا يأخذنا نحو مفهوم التكافل الحضري، وهو يعني استخدام النفايات الحضرية ومواد البناء التي لم تعد صالحة للاستخدام في الأبنية إلى الزراعة الحضرية، ما يوفر الكثير من الانبعاثات الكربونية، والتي انخفضت بنسبة 52% في العينات التي تم فيها إعادة تدوير المخلفات.

3- تعزيز الفوائد الاجتماعية: على عكس الزراعة التقليدية التي يُعد المحصول النهائي هو أهم مخرجاتها، فالزراعة الحضرية لها فوائد أخرى تتمثل في تعزيز الصحة النفسية، ما يجعل الفوائد الناتجة عنها اجتماعية وغذائية، لذلك؛ يجب الاستفادة من هذا الجانب الاجتماعي لها.

تُطلق الزراعة التقليدية كمية أقل من الانبعاثات الدفيئة، لكن هذا لا يمنع من الزراعة الحضرية مع بعض التحسينات التي تجعلها مفيدة، وذلك لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، فضلًا عن الفوائد الاجتماعية الأخرى.

المصدر: مجلة نيتشر