تغير المناخ تسبّب في جفاف الأمازون عام 2023

Jan 27, 2024

ساهم تغيّر المناخ بصورة كبيرة في “الجفاف المدمّر” الذي ضرب غابة الأمازون التي تمثّل أحد أهم النظم البيئية في العالم لجهة تحقيق استقرار المناخ المهدّد بفعل الاحترار، في عام 2023.

وطال الجفاف الزراعي التاريخي ملايين الأشخاص المقيمين في حوض الأمازون، متسبّباً في اندلاع حرائق واسعة في الغابة والحدّ من القنوات المائية الرئيسية وإحداث دمار كارثي في الحياة البرية.

وبينما كان الخبراء قد أشاروا إلى أنّ ظاهرة النينيو كانت السبب الكامن وراء الحرائق، فإنّ دراسة جديدة أعدّها علماء في “وورلد وِذر أتريبيوشن” تبيّن أن تغيّر المناخ الناجم عن التلوّث الكربوني المنبعث من الكوكب هو السبب الرئيسي وراء الحرائق.

وقال العلماء في دراستهم إنّ تغيّر المناخ زاد “بأكثر من 30 مرّة” من احتمالات حدوث الجفاف، محذّرين من أنّ الوضع سوف يسوء أكثر مع تزايد الاحترار، الأمر الذي سوف يدفع الأمازون نحو “نقطة تحوّل” مناخية.

ويخشى العلماء من أن يؤدّي تغيّر المناخ وإزالة الغابات معاً إلى تعزيز الجفاف والاحترار في الأمازون، ما يؤدّي إلى تحوّل المنطقة سريعاً من غابات مطيرة إلى سهول سافانا، بالإضافة إلى انخفاض قدرتها على تخزين الكربون.

وبحسب التقديرات، فإنّ قدرة التخزين لدى أشجار الأمازون وتربتها تتخطّى 100 مليار طنّ من الكربون، أي أكثر من ضعف الانبعاثات السنوية العالمية منه.

في هذا السياق، قالت ريجينا رودريغيز، الأستاذة في علم المحيطات الفيزيائية والمناخ في جامعة سانتا كاتارينا الفيدرالية في البرازيل، إنّ حوض “الأمازون قد يساهم إمّا بنجاح معركتنا ضدّ تغيّر المناخ وإمّا بفشلها”، مضيفة “إذا وفّرنا الحماية لغابة الأمازون فسوف تبقى بالوعة الكربون الأرضي الكبرى في العالم. لكنّنا إذا أفسحنا المجال أمام الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية وأمام إزالة الغابات بتجاوز نقطة التحوّل، فإنّ ذلك يؤدّي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وجعل معركتنا ضدّ تغيّر المناخ أكثر صعوبة”.

وقد تسبّب انخفاض مستوى الأمطار وارتفاع درجات الحرارة منذ منتصف عام 2023 بتوفير ظروف مؤاتية للجفاف في حوض الأمازون. وشهدت مستويات الأنهر انخفاضاً كبيراً، الأمر الذي أدّى إلى تدمير المنطقة التي تعتمد على قنواتها المائية. وأتت المحاصيل سيّئة، متسبّبةً في نقص الغذاء ومياه الشرب. بدورها، أدّت درجات حرارة المياه المرتفعة جداً إلى نفوق نحو 150 دلفيناً في غضون أسبوع واحد في إحدى بحيرات الأمازون البرازيلية.

وبهدف دراسة الدور الذي ربّما أدّاه تغيّر المناخ في الجفاف، استخدم العلماء بيانات مناخية ونماذج محاكاة حاسوبية، وقارنوا المناخ الراهن الذي شهد ارتفاعاً في درجات الحرارة بنحو 1.2 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة بالوضع الذي كان سائداً قبل الاحترار المناخي، وأتت النتيجة بأنّ تغيّر المناخ رفع احتمال تساقط الأمطار بمعدّل 10 مرّات، واحتمال تسجيل جفاف زراعي أكبر بنحو 30 مرّة.

وعلى الرغم من أنّ الجفاف ظاهرة تحدث مرّة واحدة كلّ 50 عاماً في ظلّ احترار بمقدار درجتَين مئويّتَين، فإنّ حوض الأمازون سوف يعاني منه كلّ 13 عاماً تقريباً، بحسب العلماء.

من جهتها، قالت الأستاذة المحاضرة في علوم المناخ لدى معهد غرانثام في إمبريال كوليدج لندن، فريدريكه أوتو، إنّ “هذه النتيجة مقلقة جداً. تغيّر المناخ وإزالة الغابات يدمّران جزءاً من النظم البيئية الأكثر أهمية في العالم”، مضيفة أنّ “خياراتنا في مكافحة تغيّر المناخ سوف تبقى على حالها في عام 2024؛ إمّا الاستمرار في تدمير الحياة وسبل العيش من خلال حرق الوقود الأحفوري، وإمّا ضمان مستقبل صحي وصالح للعيش من خلال استبدال هذه المواد سريعاً بمصادر نظيفة للطاقة”.

المصدر: أ ف ب