يُفاقم أزمة المناخ… أحدث الابتكارات لتقليل هدر الطعام

Jan 24, 2024

يعد هدر الطعام مشكلة عالمية، حيث يتم إهدار أكثر من 30% من المنتجات الغذائية حول العالم سنوياً، وتزيد هذه النسبة في بعض الدول مثل الإمارات العربية المتحدة التي تقدر التكلفة السنوية لهدر الطعام بها بنحو 3.5 مليار دولار نتيجة إهدار 38% من الطعام المجهز يومياً.

استنزاف للموارد وضرر للبيئة

بالإضافة لاستنزاف الموارد، تثير قضية هدر الطعام تساؤلات حول العدالة الاجتماعية في ظل العدد الهائل من المجاعات حول العالم.

كما تثير المخاوف بشأن التأثير البيئي وتغير المناخ، إذ إن إنتاج الغذاء مسؤول عن 25 من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم فضلاً عن الضغط على الموارد الطبيعية، ففي المتوسط تستخدم الزراعة 70% من موارد المياه العذبة، أي إن إهدار الغذاء يمثل إهداراً لموارد المياه العذبة أيضاً، خاصة في المناطق القاحلة الفقيرة في مصادر المياه.

وتشهد البحرين أعلى مستوى من النفايات الغذائية بين دول الخليج، بواقع 171 كيلوغراماً من النفايات للشخص الواحد، ولم تُولِ البحرين والكويت وعُمان نفس القدر من الاهتمام لمشكلة هدر الطعام مثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى كالمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، التي أجرت جميعها أبحاثاً حول هذه القضية واتخذت خطوات إيجابية لمعالجتها.

وفي الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر المناخ (كوب28)، أعلنت الإمارات عن خطة عمل وطنية لخفض هدر الطعام بنسبة 50% بحلول عام 2030.

وعلى الصعيد العالمي، يحاول علماء الأغذية باستمرار تحسين “التسلسل الهرمي” لطرق التعامل مع النفايات الغذائية، أي ترتيب طرق معالجة مخلفات الغذاء وفقاً لكفاءتها.

ووفقاً للتسلسل الهرمي للنفايات الغذائية، فإن الخيار الأفضل هو منع توليد نفايات الطعام من الأساس، أما الخيار الأسوأ فهو إلقاء المخلفات في مكب النفايات أو مياه الصرف الصحي، ويرى الخبراء أن النجاح في القضاء على هدر الغذاء من شأنه القضاء على الجوع حول العالم.

الابتكار هو المفتاح لمكافحة هدر الطعام

لتحقيق هذه الغاية، يجب متابعة التقنيات الجديدة التي تساعد على مكافحة الهدر، ففي العديد من مراحل الإنتاج لا يزال هدر الطعام أمراً لا مفر منه، لذلك؛ فإنه من الضروري إيجاد طرق مناسبة لاستغلال هذه النفايات وإعادة استخدامها للاستهلاك البشري، ويُعد ذلك جزءاً أساسياً من المشاريع الجديدة التي تنفذها عدد من الشركات الغذائية.

وتُعد الشركات المنتجة لعصير التفاح مثالاً جيداً على ذلك. تفل التفاح (بقايا عصر التفاح) هو أحد النواتج الأساسية لعملية العصر، في المتوسط يتحول 25% من التفاح إلى تفل بعد عصره، وإذا عُلِمَ أن سوق عصير التفاح العالمي يقدر بـ6 مليارات لتر سنوياً، فهذا يعني أنه يُنتج نحو 1.500.000 طن من بقايا الطعام كل عام.

ولسوء الحظ، يذهب 80% منها إلى مكب النفايات، ولا يتم استخدام سوى كمية صغيرة حالياً لتغذية الحيوانات أو التسميد. في مختبر “تفتاك” لتقنيات الأغذية والتخمير، تم العمل مع شركة عصير التفاح الإستونية (Siidrikoda OÜ – Kodas) لتطوير منتج يحتوي على تفل التفاح وله فوائد صحية مثبتة علمياً. أولاً، قام فريق العمل بتحليل بقايا الطعام وحدّدوا الأجزاء التي يمكن استخدامها للاستهلاك البشري، ثم عملوا على تطوير التكنولوجيا المطلوبة لفصل الجزء الصالح للأكل، وفي النهاية، طوّروا منتجات لذيذة وصحية.

ومن خلال هذه التكنولوجيا، تمكن الفريق من إنقاذ أكثر من 95% من تفل التفاح من الهدر، وذلك عبر فصل السيقان غير الصالحة والاحتفاظ بالأجزاء الصحية الغنية بالألياف والفيتامينات والمعادن، ثم دمجها مع هريس الفاكهة الأخرى والألياف الإضافية للحصول على منتج صحي ومتوازن وغني بالألياف وذي شكل جذاب.

وبالإضافة لقيمته الغذائية المتوازنة ومساهمته في تقليل هدر الطعام، أظهرت دراسة أن المنتج الجديد ساعد على زيادة عدد البكتيريا المفيدة في الجسم مع تقليل كمية البكتيريا المرتبطة بالسمنة وخفض نسبة الكولسترول في الدم، ويمكن تطبيق هذا النهج على نطاق أوسع من قبل المنتجين الآخرين، ما يحد من هدر شركات العصير حول العالم.

تحويل البقايا لمنتجات عالية القيمة

ويمكن تحقيق نتائج أفضل من خلال التعاون العالمي ومشاركة الابتكارات والتطورات التكنولوجية بين الشركات والدول.

على سبيل المثال، يستخدم مصنع التقطير الإستوني (Liviko) بقايا الطعام الناتجة عن عملية التقطير لإنتاج مشروبات جديدة مصنوعة يدوياً وخالية من الكحول، كما يتعاون المصنع مع إحدى شركات الجبن المحلية التي تعيد استخدام توت العرعر لإضفاء نكهة إضافية على الجبن والاستفادة من محتوى التوت الغني بالألياف والمعادن الغنية.

وفي صناعة اللحوم، عادة ما تعتبر العظام بقايا غير مرغوب بها، لكن بعض الشركات تستخدمها كمادة خام أساسية لصنع المرق والصلصات عالية الجودة، ويمكن تطبيق الشيء نفسه على عظام الأسماك.

أما سوق المشروبات النباتية الذي تُقدر قيمته العالمية بـ26,80 مليار دولار أميركي، فمن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي يبلغ 13% حتى عام 2030، وهناك الكثير من البقايا الثانوية الناتجة عن هذه المشروبات، مثل لب الفاكهة والأجزاء غير القابلة للذوبان، ونعمل على تطوير تقنيات ومنتجات جديدة باستمرار لإعادة استغلال مخلفات الطعام الناتجة عن هذه السوق المتنامية.

المصدر: سي إن إن الاقتصادية