علماء المناخ يشككون في جدوى اتفاق دبي للمناخ «كوب28»

Dec 15, 2023

فيما لاقى تبني مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب28) في دبي اتفاقًا يمهّد الطريق للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري -المسؤول الرئيسي عن الاحترار المناخي- ترحيبًا واسعًا من جانب الكثير من قادة الدول، يبدو أن علماء المناخ أكثر تشكيكًا حيال ذلك.

وقد رأى عالم المناخ والجيوفيزياء في جامعة بنسلفانيا الأميركية، مايكل مان، أن “الاتفاق على التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري ليس مقنعًا”، واصفًا الأمر بأنه “أشبه بشخص يعد طبيبه بأنه سيبتعد عن تناول الكعك المحلّى بعد تشخيصه بأنه مصاب بمرض السكري”.

واعتبر أن “غياب الاتفاق عن التخلي عن الوقود الأحفوري أمر مدمّر”، مشيرًا إلى أن النصّ لا يتضمّن أي تاريخ محدد للتخلي عن الوقود الأحفوري، ولا أي إشارة إلى حجم التدابير التي يتعيّن على الدول اتخاذها.

كما اعتبر مندوبون كثرٌ ومنظمات غير حكومية النصّ الذي تمّ تبنيه بالتوافق، تسوية غير كافية، إذ أنه لا يدعو بشكل مباشر إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري، ما خيّب أمال أكثر من 100 دولة كانت تطالب بذلك، بالإضافة إلى أنه يتضمّن “ثغرات” بالنسبة للدول الراغبة في مواصلة الاستفادة من احتياطاتها النفطية.

“سيموت كثرٌ”

وقد أكّدت عالمة المناخ، فريدريكه أوتو، المتخصصة في تحليل دور تغير المناخ في بعض الظواهر الجوية القصوى، أن “اتفاق (كوب28) قد أُشيد به باعتباره حلًا وسطًا، لكننا يجب أن نكون واضحين للغاية بشأن ما تم التنازل عنه”.

وأوضحت “تغلّبت المصالح المالية القصيرة المدى لبعض الدول مرّة أخرى على صحة وحياة وسبل عيش معظم الناس على هذا الكوكب”، مضيفة “مع كل هذه الأفعال المبهمة، وهذه الوعود الفارغة في النص الختامي، سيجد ملايين الأشخاص أنفسهم على الخطوط الأمامية لتغير المناخ وسيموت كثرٌ منهم”.

وشاركها الرأي كيفن أندرسون، أستاذ الطاقة والتغيّر المناخي في جامعة مانشستر، قائلا “لا شكّ أنه سيكون هناك الكثير من التصفيق والتهاني، لكن الفيزياء لا تأبه بذلك”.

وأوضح أن أمام البشرية خمس إلى ثماني سنوات فقط، إذا بقيت الانبعاثات عند مستواها الحالي، قبل أن تتجاوز “كمية الكربون” المحدّدة لحصر ارتفاع حرارة الأرض بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية، لتجنب التداعيات الأسوأ للاحترار المناخي على المدى الطويل.

وقال أندرسون إنه حتى لو بدأت الانبعاثات بالتراجع في العام 2024 -وهو ليس ضمن بنود اتفاق دبي للمناخ- فسيكون العالم بحاجة إلى التخلي التام عن جميع أنواع الوقود الأحفوري بحلول عام 2040، وليس بحلول 2050 كما تشير “اللغة المخادعة” التي يستخدمها الاتفاق الذي ينصّ على تحقيق “صافي الصفر (الحياد الكربوني) بحلول عام 2050”.

كما وصف ارتفاع الحرارة بـ1.5 درجة مئوية بأنه “ناقوس الموت”، وهو الهدف الأكثر طموحًا لاتفاق باريس، مشيرًا إلى أن الهدف الأقلّ طموحًا والمتمثل بحصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين، والذي سيؤدي إلى تداعيات أخطر بكثير، سيصبح أبعد أكثر فأكثر.

الإطار الوحيد

واعتبر عالم المناخ مان أن “فشل مؤتمر (كوب28) في تحقيق أي تقدم ملموس، في وقت تتضاؤل فرصنا للحدّ من ارتفاع درجة الحرارة إلى ما دون المستويات الكارثية، يُعدّ مصدر قلق كبير”.

لكن رغم ذلك؛ دعا إلى عدم التوقف عن تنظيم مؤتمر المناخ، قائلا “لا زلنا بحاجة إلى مواصلة إقامة مؤتمرات المناخ، فهي إطارنا المتعدد الأطراف الوحيد للتفاوض بشأن السياسات العالمية للمناخ”.

كما حضّ على إدخال إصلاحات جوهرية لقواعد مؤتمر المناخ، مثل السماح للغالبية العظمى بتبني قرارات رغم اعتراض الدول النفطية، ومنع المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط من تولي رئاسة مؤتمرات المناخ المقبلة.

من جانبه، قال أستاذ علوم البيئة ومدير معهد بوتسدام في ألمانيا، ليوهان روكستروم، إن اتفاق (كوب28) يُظهر بوضوح لجميع المؤسسات المالية والشركات أن ما نشهده هو “بداية نهاية” الاقتصاد العالمي المبني على الوقود الأحفوري.

المصدر: أ ف ب