مدن ساحلية وجزر ستختفي في حال عدم التخلي عن الوقود الأحفوري!

Dec 14, 2023

الجزر الاستوائية وبعض المدن الساحلية ذات الطبيعة الخلابة مهددة بالاختفاء تماما تحت مياه البحر والمحيطات خلال فترة ما بين 50 إلى 100 عام على الأكثر بسبب الاحترار المناخي الذي يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه، ما يستدعي اتخاذ دول العالم منحى جدي في التحول من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر طاقة نظيفة.

وأدى ارتفاع مستوى سطح البحر بالفعل إلى اختفاء ما لا يقل عن خمس “جزر مرجانية نباتية” كانت في السابق جزءا من جزر سليمان، مع “ست جزر أخرى تعاني من ركود ساحلي شديد”، وفقا لدراسة أجريت عام 2016 ونشرت في إنفيرومنتال ريسيرش ليترز (Environmental Research Letters).

ومن المرجح أن يتأثر كل من يعيش على جزيرة في المحيط الهادئ، بصورة كبيرة، من ارتفاع مستوى سطح البحر، حيث يعيش حوالي 3 ملايين من سكان جزر المحيط الهادئ على بعد 10 كيلومترات من الساحل، وبالتالي قد يحتاجون إلى الانتقال قبل نهاية القرن، وفقا لشبكة العلوم والتنمية، وهي منظمة غير ربحية تركز على تسهيل التعلم العلمي.

واختتم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب28)، وانبثق منه اتفاق ملزم للدول الأعضاء بـ”التحول” من استخدام الوقود الأحفوري تدريجيا، بهدف الوصول إلى انخفاض درجة حرارة الكوكب بمعدل 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.

إلا أن الموافقة على الاتفاق بالإجماع في ختام المؤتمر، لم تمنع جزر ساموا من التعبير عن مخاوف الدول الجزرية الصغيرة، من أن الاتفاق يمثل “تحسنا” لكنه “لا يوفر التوازن اللازم لتعزيز التحرك العالمي لتصحيح المسار بشأن تغير المناخ”.

فالجدول الزمني لتحقيق أهداف الاتفاق لا يسمح بإنقاذ العديد من الجزر والمدن التي تعتبر مهدد من الارتفاع المستمر لمنسوب مياه البحار والمحيطات، فمستويات البحر آخذة في الارتفاع بسرعة، من 1.4 ميليمتر سنويا خلال معظم القرن العشرين إلى 3.6 ميليمتر سنويا من 2006 إلى 2015، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

بينما تقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة أن مستويات سطح البحر سترتفع بمقدار 16 إلى 25 بوصة (40 و63 سنتيمترا) بحلول عام 2100.

وارتفاع مستويات سطح البحر إلى هذا الحد، سيؤدي إلى تشرد ما لا يقل عن 250 مليون شخص من سكان المدن الساحلية والجزر حول العالم بحلول عام 2100، وفقا لدراسة أجريت عام 2019 نشرتها مجلة نيتشر كوميونيكيشن (Nature Communication).

وفقا لاتحاد العلماء المهتمين (UCS)، فإن جزر المالديف، المكونة من 1200 جزيرة مرجانية صغيرة ويقطنها حوالي 540000 شخص، هي الدولة الأكثر تسطحا على وجه الأرض، بمتوسط ​​ارتفاع يبلغ 3 أقدام أي مترا واحدا، وإذا شهدت جزر المالديف ارتفاعا في مستوى سطح البحر بمقدار 1.5 قدم حوالي 45 سنتيمترا، فستفقد حوالي 77% من مساحة أراضيها بحلول عام 2100.

وهناك، أيضا، جزر البندقية المتصلة بالبر الرئيسي عبر جسور في إيطاليا، وتغرق البندقية بنسبة بوصة كل 12.5 عام، وفقا لتقرير عام 2012 وأصبحت الفيضانات أكثر تواترا منذ عام 1900 ويقارب عدد الفيضانات الآن 100 مرة في العام، وبدأت الحكومة بعمل مشروع بتكلفة عدة ملايين من الدولارات لتركيب بوابات واقية من الفيضانات وسوف تزن البوابات من 250 إلى 300 طن وهذه البوابات ليست سوى حل مؤقت.

جزر سيشيل قبالة سواحل كينيا تتضمن 115 جزيرة مرجان والعديد من جزر الجرانيت، وهي موطن خصب للغابات والشلالات الجميلة، وأدى تغير المناخ في المحيط الهندي على مدى القرن الماضي إلى إتلاف الشعاب المرجانية التي تحمي تلك الجزر، ما دعا الخبراء إلى التكهن باختفاء الكثير من هذه الجزر تحت سطح البحر بنهاية القرن الحالي.

وجزر ميكرونزيا تتكون من أربعة ولايات متميزة مع ثقافات ومناطق سياحية مثل شوك، التي تجذب الكثير من السياح لزيارة حطام السفن الغارقة تحت الماء.

وقد اختفت، بالفعل، أجزاء كبيرة من ميكرونيزيا تحت سطح البحر، وتقول الحكومة إن 607 من الجزر قد تكون غير صالحة للسكن في نهاية القرن.

جزر توفالو تقع في المحيط الهادئ في منتصف الطريق بين أستراليا وهاواي، وهي سلسلة من الجزر المرجانية والشعاب التي تنتشر على مدى 350 كيلو مترا من جنوب المحيط الهادئ، وإرتفاعها فوق مستوى سطح البحر لا يتجاوز 15 قدما، ما يعني أنها يمكن أن تصبح في عداد الجزر المغمورة تحت الماء خلال ما بين 30 و50 عاما، حتى أن العديد من السكان بدأ في الهجرة من هذه الجزر، وتستقبل نيوزيلندا 75 شخص من سكان توفالو سنويا.

جزر مارشال تقع أيضا في جنوب المحيط الهادئ في منتصف الطريق بين هاواي وأستراليا، وهي موطن لرياضة الغوص، ولا يتجاوز ارتفاعها عن سطح البحر الثلاثة أقدام، وتغطيها المياه، بانتظام، خلال فترات المد المرتفع في شهري فبراير ومارس كل عام.

جزر مضيق توريس قبالة الساحل الشمالي لأستراليا، وهي عبارة عن 274 جزيرة، تواجه الفيضانات بتواتر متزايد خلال السنوات الأخيرة، وتعرضت ستة جزر منها لخطر الغرق مؤخرا.

العلاج الذي تطرحه الحكومة لتلك الأزمة يقتصر على إصلاح الأسوار البحرية، وهو حل مؤقت يكلف ما يزيد عن 26 مليون دولار.

جزر مانهاتن في نيويورك التي يعيش فيها أكثر من 8 ملايين شخص، ولا يتجاوز إرتفاعها عن سطح البحر 16 قدما، ويتوقع العلماء أن مستوى المياه سيرتفع خلال الـ300 عام القادمة بنسبة 12 قدم، ما يعني غرق 39% من مدينة نيويورك بما في ذلك جزر مانهاتن بالكامل، إذا لم يتخذ أي إجراء.

ويهدد الخطر الولايات المتحدة، بصورة كبيرة، إذ تفيد التوقعات الأخيرة أنه بحلول عام 2050، يحتمل أن تصبح مساحات شاسعة من الأراضي غير صالحة للعيش.

ومدينة نيويورك هي الأكثر عرضة للخطر، وفقا لبحث أجرته مؤسسة المناخ المركزي، أفادت نتائجه أن ما يقرب من نصف مليون من سكان نيويورك سيعيش على “أرض مهددة”، مع حلول العام 2050.

كما يهدد خطر ارتفاع منسوب المياه ولاية فلوريدا، وقد أعلن المسؤولون في مقاطعة ميامي عن استراتيجية تقوم على بناء الطرق والمنازل على مستويات أعلى، وإنشاء مساحة مفتوحة تسمح بحدوث الفيضانات دون الإضرار بالبنية التحتية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

في الصين، هناك 43 مليون شخص، وفي بنغلاديش 32 مليون شخص، وفي الهند 27 مليون شخص، يعيشون في مناطق ساحلية معرضة لخطر الغرق بحلول عام 2100.

وتعد عاصمة إندونيسيا، جاكرتا، واحدة من أوضح الأمثلة على ارتفاع منسوب مياه البحر، ويعيش فيها حوالي 10 ملايين نسمة، إذ حصلت على لقب “أسرع مدينة غارقة في العالم”، نظرا لأنها تغرق بمعدل 5 إلى 10 سنتيمترا كل عام بسبب “الصرف المفرط للمياه الجوفية”.

وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن أن يكون جزء كبير من جاكرتا تحت الماء بحلول عام 2050، ومن المحتمل أن يتم استبدالها كعاصمة إندونيسيا بمدينة جديدة تدعى بنوسانتارا، وهي مدينة يتم بناؤها، حاليا، على الساحل الشرقي لبورنيو، على بعد حوالي ألفي كيلومترا من جاكرتا.

وإلى جانب جاكرتا، فإن مدنا مثل لاغوس في نيجيريا وعدد السكان 15.3 مليون، وبانكوك في تايلاند مع 9 ملايين نسمة، مهددة بالغرق بالكامل أو أن مساحات شاسعة من الأرض مغمورة بالمياه وغير صالحة للسكنة، في العام 2100.

المصدر: مونت كارلو الدولية