مسودة جديدة توسع الخيارات حول الوقود الأحفوري في «كوب28»

Dec 09, 2023

قبل ثلاثة أيام من اختتام مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، يتفاوض مندوبو نحو 200 دولة حول مستقبل النفط والغاز والفحم، في محاولة للتوصل إلى حل وسط يجمع بين العلم الذي يوصي بالاستغناء عن الوقود الأحفوري والتنمية الاقتصادية الضرورية للبلدان الناشئة.

صيغ دبلوماسية

يعكف المفاوضون على دراسة مسودة الاتفاقية الأخيرة، وارتفع عدد موادها في أسبوع واحد من 108 إلى 206 في 27 صفحة، أملًا في اختتام مؤتمر الأطراف في الوقت المحدد.

وفي ما يتعلق بالوقود الأحفوري الذي هو في صلب المناقشات، طُرحت خمسة خيارات بما في ذلك خيار عدم التطرق إليه على الإطلاق، إضافة إلى “الاستغناء عن الوقود الأحفوري بما يتوافق مع أفضل المعارف العلمية المتاحة”.

وتشدد صيغتان أخريان حول التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) على نحو أكثر تحديدًا على دور تقنيات احتجاز الانبعاثات، وهو ما لا يقبله عدد من الدول الأوروبية.

لكن مصير الوقود الأحفوري مذكور أيضًا بشكل غير مباشر في فقرات أخرى من المسودة، ولا سيما الفقرة التي تدعو إلى مضاعفة قدرة الطاقات المتجددة في العالم ثلاث مرات بحلول عام 2030. ومن ثم، فإن هذا يعني الموافقة على الاستغناء عن الوقود الأحفوري وزيادة مصادر الطاقة المتجددة.

وهي عبارة تُكرر ما جاء في الإعلان المشترك الذي صدر في نوفمبر عن الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين مصدرتين للانبعاثات في العالم، وهو “تسريع نشر مصادر الطاقة المتجددة بما يكفي من أجل تسريع استبدال الفحم والنفط والغاز في إنتاج الكهرباء”.

الحاجة إلى التمويل

لم يَعد رئيس مؤتمر الأطراف (كوب28)، سلطان الجابر، بأنه سيتم التطرق إلى الفحم والغاز والنفط في النص النهائي، لكنه كرر مؤخرا ما يقوله منذ ستة أشهر، وهو أن تراجع استهلاك الفحم والغاز والنفط أمر “لا مفر منه”.

وقال في مؤتمر صحافي، “من المؤكد أن الانخفاض في استهلاك الوقود الأحفوري سيحدث في نهاية المطاف”، في إشارة إلى موقفه المعتاد المتمثل في عدم ضرورة الاستغناء بسرعة عن النفط، حيث وصف نفسه مجددا بأنه “واقعي وعملي”.

وقال “يجب أن نتحلى بالعدل. يجب أن نكون منصفين. يجب أن نكون منظمين ومسؤولين في تحول الطاقة”.

وخلاصة القول، إن البلدان الفقيرة تحتاج إلى الطاقة لتوفير الكهرباء والنقل والتنمية لمواطنيها؛ وإذا كانت الدول الغنية ترغب في وضع حد للنفط، فيتعين عليها أن تكون قدوة وأن تمول مصادر الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة في بقية أنحاء العالم.

موقف بنّاء للصين

يؤكد أعضاء الوفد المرافق لوزيرة تحول الطاقة الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، “لن نتوصل إلى اتفاق بدون الصين”.

فعلى الرغم من معارضتها في الوقت الحالي الاستغناء عن الوقود الأحفوري الذي تعد أكبر مستهلك له في العالم، يقول بعض المشاركين إن الصين تعبر عن موقف “بنّاء” في المفاوضات، خلافًا للسعودية المتهمة بالعرقلة.

ويكثف المفاوض الصيني، شيه تشنهوا، الاجتماعات، وهو ما يشير فيما يبدو إلى أن بلاده لا ترغب في أن تنتهي المفاوضات إلى الفشل.

وقال يوان ينغ، من منظمة غرينبيس فرع شرق آسيا، “إن الصين هي أكبر منتج لطاقة الرياح والطاقة الشمسية في العالم، ولديها القدرة على الاستجابة لتغير المناخ على قدم المساواة مع الدول الغنية بينما تتشارك في الوقت نفسه مخاوف الدول النامية”.

ويأمل ينغ أن “يتيح هذا الدور الوسيط للصين كسر جمود هذه المفاوضات العالقة في الأسبوع الثاني” من مؤتمر (كوب28).

ومن أجل إرضاء بكين، ما زال من الممكن طرح صيغ بديلة من هذه الخيارات، إذ قال أحد المفاوضين من المعسكر المؤيد للاستغناء عن الوقود الأحفوري إن “الأمر ليس اتفاقًا ثنائيًا أو ثلاثيًا، سيتعين علينا العثور على ما يسمح لنا بالتوصل إلى توافق في الآراء”.

ودعا الأمين العام لمنظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، أعضاء المنظمة وشركاءها إلى “الرفض الاستباقي” لأي اتفاق “يستهدف الوقود الأحفوري بدلا من الانبعاثات”، مضيفا “يبدو أن الضغط المفرط وغير المتناسب على الوقود الأحفوري يمكن أن يصل إلى نقطة تحول ذات عواقب لا رجعة فيها، إذ لا زال مشروع القرار يتضمن خيارات بشأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري”.

مصداقية مؤتمرات الأطراف (كوب)

وتجمع عشرات من الناشطين الشباب للمطالبة بوضع حد للوقود الأحفوري خلال تظاهرة نظمتها “أيام الجمعة من أجل المستقبل”، وهي الحركة التي تنظم احتجاجات مدرسية وبدأتها السويدية، غريتا ثونبرغ، الغائبة عن مؤتمر (كوب28).

وهتف المتظاهرون “لا للفحم، لا للنفط، أبقوا الكربون في باطن الأرض”، بينما تناوب ممثلون لشباب الإكوادور والكونغو وباكستان والسودان وأفغانستان والأراضي الفلسطينية المحتلة للتنديد عبر مكبرات الصوت بتقاعس المجتمع الدولي بشأن المناخ وكذلك عن وقف الحرب في غزة وفي أوكرانيا.

وحذرت الناشطة الأوغندية، فانيسا ناكاتي، من أنه إذا فشل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في الدعوة إلى الاستغناء عن الوقود الأحفوري، فإن “هذا الأمر سيثير تساؤلات ليس فقط حول مصداقية مؤتمر الأطراف (كوب28)، ولكن أيضًا حول مصداقية عملية مؤتمر الأطراف برمتها”.

المصدر: أ ف ب