كيف يسعى العلماء لمكافحة الأمراض الناتجة عن التغير المناخي؟

Dec 05, 2023

تحمل الدكتورة سترود بعناية قفصًا شبكيًا من البعوض في مختبرها في لانكشاير، شمال غرب إنجلترا. ولكي نكون أكثر دقة، فهذه هي بعوضة أييديز إجيبتي، وهي واحدة من نوعين معروفين بحمل ونقل فيروس حمى الضنك عن طريق اللدغ وإصابة ملايين الأشخاص حول العالم.

وبينما يجتمع القادة في دبي لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، يقول الخبراء إن ظاهرة الاحتباس الحراري لها بالفعل “تأثير عميق” على الصحة العالمية.

يوم الأحد الماضي كان أول “يوم صحي” رسمي لأي مؤتمر مناخي منذ بدء المؤتمرات في عام 1995. وقالت ماريا نيرا، مديرة إدارة المناخ والبيئة والصحة بمنظمة الصحة العالمية، “لقد حان الوقت لأن تحتل الصحة موقعا مركزيًا في المحادثات”.

حمى الضنك مرض استوائي، لكنه وصل في السنوات القليلة الماضية إلى أوروبا. وتم العثور على بعوضة أخرى مرتبطة بحمى الضنك، تسمى بعوضة النمر الآسيوي، في مصائد المراقبة في كنت في بريطانيا.

كل هذا دليل على كيفية تكيف الحشرات مع المناخات والبيئات الجديدة، كما تساعد الظروف الأكثر دفئًا ورطوبة المرتبطة بالاحتباس الحراري على ازدهار بعض البعوض الذي ينشر الأمراض.

ولكن العلماء يحاولون التصدي للأمر، ومن خلال الجمع بين مراقبة الحشرات والتنبؤات المناخية؛ يعملون على تطوير طرق للتنبؤ بتفشي الأمراض الجديدة والاستعداد لها.

الوقاية خير من العلاج

يقول العلماء إن فهم الأماكن التي من المرجح أن يحدث فيها تفشي المرض في المستقبل يمكن أن ينقذ ملايين الأرواح. ويعمل أحد المشاريع، بتمويل من مؤسسة ويلكوم تراست، على تطوير أدوات التنبؤ هذه في 12 دولة.

وأوضحت البروفيسورة راشيل لوي، التي تقود مجموعة المرونة الصحية العالمية في مركز برشلونة للكمبيوتر العملاق في إسبانيا، “نحن نستخدم صور الأقمار الصناعية، ونجمع البيانات من الطائرات بدون طيار وأجهزة استشعار الطقس”، مضيفة إن جمع كل هذا مع معلومات من علماء في هذا المجال “يعطي فهمًا أفضل لكيفية تأثير التغيرات المناخية على الأمراض التي تنقلها الحشرات”.

ومن خلال تحليل أنماط الطقس، والعثور على برك المياه الراكدة التي يتكاثر فيها البعوض، ومراقبة الظروف الأخرى التي تتضافر لتغذية تفشي المرض، يهدف البحث إلى توفير أنظمة إنذار مبكر، وهذا بالتالي سيساعد المجتمعات على الاستعداد لمواجهة المرض.

وقد يأتي هذا الاستعداد في شكل حملة للصحة العامة تحث الناس على حماية أنفسهم باستخدام طارد الحشرات، أو إبلاغ مقدمي الرعاية الصحية أو حتى زيادة جمع صناديق القمامة لتقليل المياه الراكدة حيث يضع البعوض الذي يحمل المرض بيضه.

البعوض يتكيف

وفي البلدان التي تنتشر فيها أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك بالفعل، يمكن لتغير المناخ أن يطيل من فترة المواسم شديدة الخطورة.

وعلى الصعيد العالمي، زاد عدد حالات حمى الضنك المبلغ عنها لمنظمة الصحة العالمية بشكل كبير في العقدين الماضيين. وفي عام 2000، تم الإبلاغ عن نصف مليون حالة، وبحلول عام 2023، ارتفع هذا العدد إلى 4.5 مليون حالة تم الإبلاغ عنها.

وعادة ما يكون مرضًا خفيفًا، يسبب حمى شديدة لمدة تصل إلى سبعة أيام، ويتعافى معظم الناس.

لكن في البلدان التي كانت معدلات الإصابة بالمرض مرتفعة بالفعل، يتزايد العبء على الخدمات الصحية. ففي بنغلاديش، في وقت سابق من هذا العام، توفي ما يقرب من ألف شخص في تفشٍ للمرض الذي ارتبط بالرياح الموسمية الرطبة غير العادية والمياه الراكدة القذرة التي يتكاثر فيها البعوض.

التنبؤ بالمرض

الفكرة وراء أنظمة الإنذار المبكر هذه هي الجمع بين البيانات من مجموعة متنوعة من المصادر وبناء صورة عن كيفية الارتباط الدقيق بين المناخ وانتقال الأمراض.

وتقوم محطات الأرصاد الجوية بجمع معلومات دقيقة عن الأرصاد الجوية على الأرض، وستساعد الطائرات بدون طيار في تحديد مواقع تكاثر البعوض، وسيقوم الباحثون بجمع المعلومات من المجتمعات المحلية ومسؤولي الصحة.

ويستخدم الكمبيوتر العملاق تلك البيانات لبناء النماذج التنبؤية، إذ يتم استخدام هذا النهج في مشروع يسمى “هارمونايز” يجري الآن اختباره في عدد قليل من البلدان، بما في ذلك البرازيل وكولومبيا وبيرو وجمهورية الدومينيكان، وهناك آمال أن يتم تكييفه ونشره في أي مكان وفي كل مكان يحتاج إليه.

المصدر: بي بي سي عربي