الصومال… حرب على التغير المناخي!

Dec 04, 2023

ليس لعامل الإغاثة الصومالي حسن سيرات أي أدوات يواجه بها آثار الطقس المدمرة في بلده الذي مزقته الحرب، حيث تلت فيضانات هذا العام موجة جفاف شديدة.

وقال سيرات لرويترز “نحن نبذل قصارى جهدنا”. وذكر وجود إجراءات توعية؛ مثل توعية سكان المخيمات الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب الحرب والجوع على الانتقال إلى مناطق مرتفعة بسبب الفيضانات التي أودت بحياة ما يقرب من 100 شخص وشرّدت 700 ألف منذ أكتوبر.

ويعمل سيرات، وهو موظف ميداني يتبع منظمة إنيسكوي للسلام والتنمية، في قرية قريبة من مدينة بيدوا في جنوب غرب الصومال. وتسجّل المنطقة واحدة من أكبر تجمعات السكان الذين نزحوا بسبب الحرب والجفاف في البلاد.

وجرفت الفيضانات خلال الشهر الماضي العديد من الخيام والمباني الأخرى في بيدوا، ما ترك الأسر معرضة لأهوال العوامل الجوية. وقال سيرات إن “هؤلاء الناس معرضون للخطر، فليست لهم منازل تحميهم من الكوارث وهم يحتاجون إلى مأوى”.

وأضاف أن السلطات في الصومال لا تتمتع بالتمويل اللازم لبناء منازل أكثر أمانا أو تطوير قنوات الصرف الصحي وغيرها من أسس البنية التحتية التي يمكن أن تساعد في مقاومة الصدمات والضغوط المناخية.

ومن المنتظر أن تصادق الحكومات خلال (كوب28) على إعلان بشأن “المناخ والإغاثة والتعافي والسلام” لتوجيه المزيد من الدعم وتعزيز مرونة المناخ في البلدان غير المستقرة التي مزقتها الحروب. وهي لا تتلقى اليوم سوى جزء صغير من التمويل الدولي لمعالجة تغير المناخ، ما يترك شعوبها معرضة للكوارث التي تفاقمت بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقال ديفيد نيكلسون، وهو كبير مسؤولي المناخ في وكالة المعونة العالمية ميرسي كوربس، إن على المانحين التوقف عن تصوّر استحالة أعمال التكيف في البلدان غير المستقرة سياسيا، حيث يمكن توجيه الأموال من خلال الحكومات أو المجموعات المحلية.

وصرّح لرويترز “نحتاج إلى تحمل هذه المخاطرة، حيث تتوفر طرق ناجحة يمكننا من خلالها بناء القدرة على الصمود في مواجهة أزمة المناخ حتى في هذه البيئات الأكثر تحديا”.

وعملت مجموعته مع الرعاة والسلطات المحلية على حدود شمال كينيا التي أشعلت فيها مشاكل بسبب الجفاف والتوترات. وهي تهدف إلى إدارة أفضل للأراضي عبر الجمع بين المعرفة الرعوية على الأرض والاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية.

ودعت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، ورئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في الإمارات العربية المتحدة، سلطان الجابر، قبل انطلاق قمة (كوب28) إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير حماية المناخ في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات.

وأشارا في بيان مشترك نُشر الشهر الماضي إلى أن الذين يعيشون في أماكن مضطربة مثل الصومال يحصلون على تمويل أقل بما يصل إلى 80 مرة من أولئك الذين يعيشون في بلدان مستقرة.

ويشير إعلان (كوب28) إلى أن الصراع يزيد من ضعف الناس وتعرضهم للمخاطر المناخية، ويقول إن تغير المناخ يقوّض الدخل والسكن والرفاهية، ما يفاقم احتياجات المساعدات ويشكل “تحديا كبيرا ومتناميا للاستقرار”.

وقالت جيني ويلسون، وهي المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بشأن المناخ، إن التزامات الحكومات في مؤتمر (كوب28) يجب أن “تُترجم بسرعة إلى خطط عمل توفر حماية طويلة الأجل لأولئك الذين يعيشون في المناطق الأكثر هشاشة وتأثرا بالصراعات”.

وقال حسن ياسين، رئيس جمعية السلام الأخضر الصومالية غير الربحية التي تدعم المجتمعات المحلية في سعيه لمواجهة أفضل للتهديدات المناخية، إن بلاده تسعى للتمتع بالمزيد من المساعدات الدولية للتعامل مع آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، مؤكدا أن “المشكلة الرئيسية تكمن في صعوبة نيل التمويل”.

وذكرت كلير شاكيا، وهي خبيرة تمويل التكيف التي عملت لفترة طويلة مع البلدان النامية، أن الدول التي تعيش في حالة حرب، والدول الجزرية الصغيرة، يكافحون من أجل الاستفادة من أموال المناخ العالمية.

وقالت إن العملية قد تستغرق عدة سنوات بسبب متطلبات قبول تقديم الدعم. وأضافت أن الشروط متعددة، “ولا تملك الدولة التي تشتت انتباهها العديد من الاحتياجات العاجلة والعديد من حالات الطوارئ القدرات اللازمة للاستجابة لها”.

وأشار ياسين إلى أن الصومال يحصل على تمويله من خلال وكالات وسيطة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدلا من اجتياز هذه العمليات المعقدة.

وحدّد معهد الاقتصاد والسلام في تقرير صدر خلال 2023 أن ارتفاع انعدام الأمن الغذائي بنسبة 25% يزيد من خطر الصراع بنسبة 36%. واعتبر أن القفزة بنسبة 25% في احتمال التحديات المرتبطة بالمياه مثل الجفاف تُفاقم احتمال نشوب الصراعات بحوالي 18%.

ووجد تحليل أجرته منظمة ميرسي كوربس أن الدول العشر الأكثر هشاشة تلقت أقل من 1% من إجمالي تمويل التكيف مع المناخ في 2021، وهو ما لا يتجاوز 223 مليون دولار.

وأكّدت بيانات جديدة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاض التمويل الدولي للتكيف في الدول النامية خلال السنة نفسها بنسبة 14% ليصل إلى 24.6 مليار دولار، حتى مع ارتفاع إجمالي تمويل المناخ بنسبة 7.6%.

وأشار الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ماتياس كورمان، إلى “حاجة مقدمي الخدمات الدوليين الملحة إلى تعزيز جهودهم بشكل كبير” في تمويل التكيف، بما يتماشى مع الالتزام بمضاعفته إلى 40 مليار دولار على الأقل سنويا بحلول 2025.

ويقول خبراء إن تقديم المساعدة في الفترة التي تسبق وقوع الكارثة يمكن أن يقلل الحاجة إلى الغذاء وغيره من الإغاثة الطارئة في وقت لاحق، حتى عند تسجيل نقص في الأموال المخصصة للتكيف على المدى الطويل.

ومع توقع هطول أمطار غزيرة في الصومال، قرر برنامج الأغذية العالمي تفعيل برنامج “العمل الاستباقي” هذا العام، لتزويد المواطنين بالمعلومات والمساعدة على حماية منازلهم قبل حدوث الفيضانات.

المصدر: رويترز