البنية التحتية الرقمية وأثرها على العمل المناخي

Nov 30, 2023

تستند كل مؤسسة إلى قاعدة ضخمة من تكنولوجيا المعلومات. تتألف هذه القاعدة من مختلف أشكال البُنى التحتية التكنولوجية المعقدة والربط الرقمي الضروري للحفاظ على استمرارية نقل البيانات بكفاءة وأمان من مكان إلى آخر. تسهم هذه القواعد الوظيفية في تشغيل الشركات حول العالم، ما يحافظ على سير الأعمال التجارية وأنشطة الحياة اليومية لمليارات الأشخاص.

قد لا تخطر البنية التحتية الرقمية على بال المرء عند التفكير في العمل المناخي، ولكن تجاهلها قد يكون خطأ فادح؛ إذ تسعى الشركات إلى تحديث عملياتها التشغيلية لمواكبة العصر، فتنتقل إلى أنظمة السحابة الإلكترونية وتدرس اعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة وتستثمر في الأمن السيبراني وقدرات المرونة، ولكل هذه الأمور اعتبارات مناخية وتشكل جزءاً من جهود مكافحة التغيّر المناخي في ظل سعي الشركات لتقليل بصمتها الكربونية، فضلاً عن تقليل البصمة الكربونية لمورّديها.

تقع البنية التحتية الرقمية عند نقطة تقاطع محورية يمكن عندها ترجمة إجراءات الشركات الواعية بيئياً إلى وفر في التكلفة ونمو الأعمال.

هذه أخبار جيدة للمؤسسات التي ترسم مسارات الحياد الكربوني وتحدد الأهداف اللازم تحقيقها للوصول إلى صافي الانبعاثات الكربونية الصفرية. ويعني ذلك أن قادة المؤسسات يمكنهم تحقيق التوازن بين دفع عجلة النمو وتعزيز الكفاءة البيئية، وليس من الضروري أن يأتي أحدهما على حساب الآخر.

وقد ثبت أنّ اعتماد التكنولوجيا السحابية يساعد المؤسسات على تقليل استخدام الطاقة بنسبة تصل إلى 85%. الهدف من الأدوات التكنولوجية هو دعم العمل البيئي، على سبيل المثال، عملت كيندريل على تمكين المؤسسات من حساب الانبعاثات عبر كامل قاعدتها التكنولوجية، وتوفير معلومات مهمة يمكن استخدامها لتطوير خطط مخصصة لخفض الانبعاثات. نفعل ذلك من خلال برنامج “سستينابليتي أوبس” (SustainabilityOps)، وهو إطار عمل لمساعدة الشركات على تحويل استراتيجية تكنولوجيا المعلومات المطبّقة لديها لتصبح أكثر استدامة.

نبدأ بتوفير مقاييس الانبعاثات الأساسية لأنظمة تكنولوجيا المعلومات، وتقييم عوامل مثل استخدام الطاقة ومصادرها، ثم التنبؤ بالتغيرات في الانبعاثات من خلال تحديث تكنولوجيا المعلومات أو تحسينها. وأخيراً، يمكننا قياس التحسينات التي تحققت بعد حدوث هذه التحوّلات، حيث يتخذ قطاع التكنولوجيا بروتوكول الغازات الدفيئة معياراً لتحديد كيفية إنشاء قائمة مراجعة لانبعاثات الغازات الدفيئة لكلٍّ من الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة التي تسمى النطاق الأول والثاني والثالث، وقد تكون تكنولوجيا المعلومات جزءاً من نهج أوسع نحو مستقبل أكثر استدامة، بل هي جزء منه فعلياً.

عندما تُبنى الاستدامة على ثقافة مؤسسية راسخة واستراتيجية أعمال قوية، يمكن للمؤسسات أن تتجنّب ممارسات الغسل الأخضر التي تهز ثقة الجمهور، وتتجه بدلاً من ذلك إلى التركيز والتنفيذ السليم.

تتعدى الاستدامة مجرد خفض استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات، وهي ليست سوى جزء واحد من المسؤولية الأوسع التي تتحملها المؤسسة لغرس أسس النزاهة في أدوات حوكمتها وغايتها وثقافتها. هذا عمل صعب، ولكنه يستحق الجهد المبذول؛ إذ يتزايد اعتراف الشركات بمزايا الاستراتيجيات البيئية السليمة. فقد نما الاستثمار العالمي المستدام، متجاوزاً 35 تريليون دولار، مع انجذاب العملاء والموظفين الموهوبين على حد سواء نحو الشركات التي تشاركهم قيمهم.

وفي سياق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتغير المناخي (كوب28) هذا العام، بات من الواضح أن المؤسسات في جميع أنحاء العالم تؤدي دورها لتعزيز الاستدامة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتركيز على تنفيذ حلول واقعية.

تلمسون هذه الريادة هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تبذل جهودها للحد من الانبعاثات العالمية منذ فترة من الوقت؛ إذ شهدنا على مدار العقد الماضي إنجاز مراحل مختلفة من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم، مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، الذي من المتوقع أن تبلغ قدرته الإنتاجية من الطاقة 5,000 ميغاواط عام 2030. وبعيداً عن حجمه الضخم، يؤدي المجمّع دوراً محورياً في تعزيز العمل المناخي ويتوافق مع هدف الإمارات المتمثل في تحقيق الحياد المناخي عام 2050، والتعويض عن أكثر من 6.5 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً. تسهم هذه الإجراءات في إنشاء نهج تأسيسي للاستدامة، وبمقدورها تحسين حياة الأجيال القادمة.

بقلم: أونا بوليزي – فورتشن العربية