الغرب وتمرير عبء مواجهة المناخ للدول النامية

Nov 23, 2023

اطلعت على مقال نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، يطالب شركات النفط والغاز بدفع تكاليف أضرار تغير المناخ، ويذكرون بالتحديد شركتي أرامكو السعودية وإكسون موبيل بالقيام بذلك، ونسوا أن الالتزامات على الدول النامية طوعية حسب ما نصت عليه الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، وهي محاولة لتمرير التزامات الدول المدرجة في الملحق الأول من الاتفاقية، وهي الدول التي تسببت عبر العقود العديدة الماضية في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وانطلاقاً من مبدأ الـ Polluter Pay Principle والمنصوص عليه في الاتفاقية إلى أن الدول النامية لم تساهم خلال العقود العديدة الماضية في هذه المشكلة.

وواضح أن توقيت طرح هذا المقترح ونشره قبل أسبوع من انعقاد مؤتمر (كوب28) في دبي، قد يؤذن -إذا تم طرحه ومقترحات أخرى هدفها خلط الالتزامات- إلى فشل هذا المؤتمر.

والغريب في المقترح، أنه يخص النفط والغاز فقط، وتناسوا -متعمدين- إدراج شركات الفحم وهو الأكثر بعثاً لغازات الاحتباس الحراري، ولكن؛ ونظرًا لامتلاكهم احتياطيات كبيرة منه، فتم استثناؤه، وهذا هو النفاق وازدواج المعايير للغرب، والذي كشفته كل من أزمة أوكرانيا، وحرب غزة.

وهذا التصرف قد أدى ويؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين الغرب وبقية دول العالم، والذي يحاول تمرير كل ما هو في مصلحته دون الأخذ في الاعتبار أي التزامات دولية.

كما أنهم قد نسوا أهم مبدأ تنص عليه الاتفاقية وهو “تشابه المسؤولية بينما تختلف بين الدول المتقدمة والنامية”.

بمعنى آخر ليست هنالك التزامات إجبارية على الدول النامية، وإنما هي طوعية، إن شاءت قامت بها، وإلا فهي التزامات على الدول المتقدمة، والتي تحاول تمريرها إلى الدول النامية، وهذا عنصر رئيسي نحو الفشل الكامل لمؤتمر المناخ القادم (كوب28) في دبي، وما يتبعه من مؤتمرات لاحقة.

وقد سبق هذا المؤتمر حملة شعواء على رئيس (كوب28)، وهو الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة الإماراتي، واتهامه بمختلف الأوصاف، بل وصل بعضها إلى مطالبة دول الغرب بمقاطعة هذا المؤتمر فقط لأن رئيسه هو الوزير الجابر.

وسوف نرى خلال المؤتمر القادم هجومًا شديدًا على الجابر من قبل الغرب -مسؤولين حكوميين وغير حكوميين- وهو الوزير النزيه الذي نعرفه جميعاً، وهو الذي لا يخضع لأي ابتزاز من أي جهة كانت.

للعوامل السابقة، وللظروف العالمية وفقدان الثقة بين العالمين الغربي وبقيته، فقد تضاءلت فرص نجاح المؤتمر، حتى وإن خرج ببعض القرارات الشكلية غير المقنعة، حفظًا لماء الوجه فقط. وسنرى من سيتهم الجابر بأنه سبب هذا الفشل، وهذا بطبيعة الحال غير صحيح إطلاقاً، حيث لم يتمكن الغرب من تمرير مقترحاتهم وعلى رأسها هذا المقترح الغريب الذي يحمل أرامكو السعودية وغيرها من شركات النفط في الدول النامية بأن تقوم بالتعويض عن خسائر وأضرار تغير المناخ.

بقلم: محمد الصبان – جريدة الرياض