شركات الطاقة العالمية أمام حتمية اعتماد تعويضات الكربون

Nov 19, 2023

خلص باحثون إلى أنه كان بإمكان كبرى شركات النفط والغاز على غرار أرامكو وإكسون موبيل وشل أن تدفع حصتها من الأضرار الناجمة عن تغيّر المناخ وتحقق أرباحا في الوقت ذاته تقدّر بتريليونات الدولارات.

ونشرت الاستنتاجات قبيل مفاوضات الأمم المتحدة المرتبطة بالمناخ في إطار قمة (كوب28) التي تستضيفها دبي أواخر هذا الشهر.

ويتوقع خلال المؤتمر أن تضغط البلدان النامية غير المسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات الكربون، على الحكومات والشركات لدفع المزيد عن دورها في الاحترار العالمي.

ويتعلق كلام باحثي مركز الأبحاث كلايميت أناليتكس أساسا بتعويضات الكربون والتي هي عبارة عن خفض الانبعاثات الضارة، الذي يُطبَّق بغرض التعويض عن انبعاثات حدثت في أماكن أخرى أو موازنتها.

وتعمل السياسات الحكومية لمكافحة تغير المناخ على تثبيط الشركات عن الاستثمار بكثافة في الإنتاج الجديد حتى مع تحقيقها لأرباح قياسية، وهي ديناميكية يقول خبراء إنها قد تؤدي إلى قلة الإمدادات وارتفاع الأسعار مع سعي بدائل الطاقة النظيفة إلى ملء الفراغ.

وتجد معظم شركات الطاقة العالمية نفسها في مفترق طرق بشأن ما إذا كانت ستواصل الاستكشاف والتنقيب عن الوقود الأحفوري أم لا، ما يجعلها تمضي في مسار حذر رغم المكاسب التي تحققها منه وسط ضغوط للإسراع في التحول الأخضر.

وارتفعت أسعار النفط الخام فوق 90 دولارا للبرميل في بعض الفترات العام الحالي، وتحوم العقود الآجلة حاليا حول 73 دولارا.

ولكن بدلا من إنفاق مبالغ كبيرة لتعزيز الإنتاج، تعمل الشركات على زيادة توزيعات الأرباح أو إعادة شراء الأسهم لمكافأة المستثمرين.

وتقول الجماعات البيئية إن تباطؤ نمو الإنتاج يمكن أن يسرع الانتقال إلى الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون.

ومع ذلك، يحذر المسؤولون التنفيذيون في شركات النفط من أن نقص الاستثمار في عمليات الحفر قد يؤدي إلى تفاقم نقص الطاقة في الدول الفقيرة ويزيد التضخم.

وقال خبراء مركز كلايميت أناليتكس “لو أن شركات النفط والغاز الـ25 الكبرى خضعت للمحاسبة على دورها في الاحترار العالمي خلال العقود الأخيرة، لكانت جنت رغم ذلك أرباحا بقيمة 10 تريليونات دولار”.

وأضافوا أن “كلفة الأضرار التي تسببت بها الانبعاثات الكربونية من هذه الشركات من العام 1985 حتى 2018 تقدّر بعشرين تريليون دولار، بينما جنت هي في تلك الفترة 30 تريليون دولار”.

وذكر معدّو التقرير الذي شمل مجموعات نفط وغاز عملاقة خاصة وحكومية أن التناقض كان صارخا العام الماضي خصوصا.

وتساهم الشركات الحكومية كثيرا في صناديق الثروة السيادية الضخمة على غرار ما يحصل في الإمارات المضيفة لقمة (كوب28).

وقال كارل فريدريش شلوسنر، الذي قاد فريق معدي التقرير، “إن هذه الثروة الأحفورية باقية بينما يعاني العالم من التداعيات المدمّرة للتغير المناخي لقرون مقبلة”.

ومع ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، حققت كبرى شركات النفط والغاز أرباحا قياسية.

وكانت الأرباح البالغة قيمتها 161 مليار دولار التي حققتها أرامكو السعودية عام 2022 أعلى دخل صاف يسجّل على الإطلاق في عالم الشركات، وفق ما أفاد رئيسها التنفيذي أمين ناصر في وقت سابق.

واعتُبرت أرامكو من بين سبع شركات سجّلت أرباحا تعادل تقريبا ضعف قيمة الأضرار الناجمة عن انبعاثاتها، وفق التقرير.

وستنعقد محادثات (كوب28) فيما يتوقع على نطاق واسع أن يكون العام 2023 أكثر السنوات حرا على الإطلاق.

وقالت المشاركة في التقرير، مارينا أندرييفيتش، “في الأثناء، تتباهى شركات النفط والغاز من دون خجل بأرباحها حتى إن بعضها تتراجع عن التزاماتها حيال المناخ”.

واحتسب الباحثون الأضرار الناتجة عن كبار المتسببين بالانبعاثات باستخدام تقديرات للكلفة الاجتماعية للكربون من العام 1985 حتى 2018، والتي وصلت إلى 185 دولارا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون.

وقارنوا هذا الرقم مع أرباح الشركات في الفترة ذاتها، ومن ثم قسم الباحثون الأضرار على ثلاثة لاحتساب مسؤولية الحكومات والمستهلكين.

وأظهرت النتائج أن الشركات الحكومية في السعودية وروسيا وإيران والصين والإمارات تسببت بأكبر قدر من الأضرار مع تحقيقها أكبر قدر من المكاسب المالية أيضا.

وتصدرت إكسون موبيل القائمة لجهة الشركات الخاصة، تلتها شل وبي.بي وشيفرون.

وأفاد التقرير بأن نصف موارد صندوق الثروة السيادي للإمارات، يمكن أن يغطي كلفة الأضرار المناخية الناجمة عن قطاعات الوقود الأحفوري في البلاد وسيبقى لديه بعد ذلك فائض بقيمة 700 مليار دولار.

وخلال قمة (كوب27) التي استضافتها مصر العام الماضي، اتفقت الدول على تأسيس صندوق مكرّس لمساعدة البلدان الأكثر عرضة للخطر على التعامل مع “الخسائر والأضرار” الناجمة عن الكوارث المناخية مثل ظواهر الطقس القصوى.

لكن لم يتم بعدُ التوصل إلى اتفاق على التفاصيل، فيما سيكون الصندوق محورا أساسيا في مفاوضات (كوب28) المقبلة.

وتقدّر الأمم المتحدة أن البلدان النامية ستحتاج إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا بحلول 2030 لمواجهة تداعيات التغير المناخي.

المصدر:صحيفة العرب