التغير المناخي وظهور مجموعات هجينة من الحيوانات

Oct 30, 2023

لطالما حذّر العلماء من آثار التغيّر المناخي على الإنسان، لكن هذا التأثير مُضاعف بالنسبة إلى الحيوانات بمختلف أنواعها، البريّة والبرمائية وحتى الطيور.

في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة القطبية الشمالية أسرع معدلات في الاحتباس الحراري العالمي، تؤدي الزيادة في معدلات الاحترار إلى تحوّلات سريعة على نطاق النباتات والحيوانات عبر شجرة الحياة في المنطقة. يقول الباحثون إنّ هذه التغييرات يمكن أن تؤدي إلى تزاوج الأنواع التي لا تتقابل عادةً مع بعضها البعض، ما يؤدي إلى تكوين مجموعات هجينة جديدة وتحولات في توزيع الكائنات الحيّة فيها وزيادة احتمالات التهجين.

ومن خلال دراسة مجموعات طائر البفن أو ببَّغاء البحر (Puffin) في ثلاث جزر نروجية، اكتشف العلماء أول دليل يربط التهجين واسع النطاق باتجاهات الاحتباس الحراري في القرن العشرين. ومع ذلك، فإنّ الانخفاض الخطير في التنوع الجيني للطيور لا يبشر بالخير بالنسبة إلى مستقبلها.

البفن الأطلسي، الذي يُطلق عليه اسم “مهرّجي البحر”، هو طائر بحري مميز معروف بريشه الأسود والأبيض ومنقاره النابض بالحياة والمتعدد الألوان. يعيش ويتكاثر عبر شمال المحيط الأطلسي والمحيط المتجمّد الشمالي. على الصعيد العالمي، يٌعتبر هذا الطائر معرّضاً للانقراض، أما في أوروبا، فقد تمّ إدراجه على أنّه مهدّد بالانقراض بالكامل منذ عام 2015.

قدّم العلماء أول دليل على التهجين الذي يبدو أنّه كان مدفوعاً بتغيّر المناخ، في بحث علمي نُشر هذا الشهر في مجلة Science Advances. ذكر الباحثون في دراستهم أنّ مجموعة هجينة من البفن الأطلسي في جزيرة بجورنويا النروجية النائية يبدو أنّها ظهرت في فترة تزامنت مع بداية وتيرة أسرع للاحتباس الحراري.

وخلصت الدراسة إلى أنّه من المحتمل أن يكون هذا البفن قد نشأ من التكاثر بين نوعين فرعيين خلال الـ 100 عام الماضية أو نحو ذلك، بالتزامن مع بداية نمط الاحترار في القرن العشرين. واللافت للنظر أنّ التهجين حدث بعد هجرة نوع فرعي جنوباً، وليس باتجاه القطب نحو درجات حرارة أكثر برودة، كما كان متوقعاً، وهو اكتشاف يسلّط الضوء على مدى تعقيد التغيّرات الجارية في النظام البيئي في القطب الشمالي.

وكتب الباحثون أنّ التحليل الإضافي يُظهر أيضاً خسارة كبيرة في التنوع الجيني في المجموعات التي تمّت دراستها، وهو تطور مثير للقلق بالنسبة إلى الصحة المتوقعة لطيور البفن في القطب الشمالي.

وقال أوليفر كيرستن، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في علم الجينوم والبيئة البحرية، “إنّ توقيت التهجين وكذلك التآكل الجيني يقدّمان بالفعل هذا الدليل القاطع على أنّ السنوات القليلة الماضية كان لها تأثير هائل على مجتمعات القطب الشمالي”، مضيفاً أنّ النتائج تؤكّد أيضاً أهمية تحليل بيانات الحمض النووي الحديثة والتاريخية.

أمّا في أعماق البحار، فوجدت دراسة جديدة أنّ تغيّر المناخ وتأثيره على تسخين المحيطات من المحتمل أن يكون له تأثير أكبر على حيتان شمال الأطلسي الصائبة من تطور الرياح البحرية.

ووجد التقرير، الذي أُعدّ بتكليف من الجمعية الأميركية للطاقة النظيفة (ACP)، أنّ ارتفاع درجة حرارة المحيطات يؤثر بشكل مباشر على تحركات الحيتان الصحيحة في شمال الأطلسي إلى حدّ كبير، عن طريق تغيير توزيع مصدر غذائها الأساسي من العوالق الحيوانية الصغيرة.

وحذّر العلماء من أنّ آثار تغيّر المناخ على الحيوانات الأليفة مثل الأبقار والدجاج، ستكون نتائجه “مدمّرة تماماً” بالنسبة للبلدان الفقيرة بالموارد التي تعتمد عليها في الغذاء.

وفي دراسة نُشرت خلال شهر يوليو الماضي في مجلة CABI Review، أظهرت أنّ الأبقار الحلوب والدواجن هي من الحيوانات الأليفة المعرّضة للخطر من آثار تغيّر المناخ. ويشير الباحثون في دراستهم إلى أنّ الإجهاد الحراري على الأبقار الحلوب أدّى إلى انخفاض بنسبة 35% في إنتاج الحليب، لأنّه أثّر بشكل كبير على الرضاعة، ووظائف المناعة، وصحة العجول.

في حين تمّ تصنيف الفيلة الإفريقية والخفافيش وأسماك الزرد والضفادع الصخرية والكوالا على أنّها حيوانات برّية معرّضة للخطر. وقال المؤلف الرئيسي والمحاضر الأول في كلية الزراعة والاستدامة الغذائية في جامعة كوينزلاند بأستراليا، إدوارد نارايان: “قد لا تتمتع المناطق الفقيرة بالموارد بآليات دعم كافية للتخفيف من آثار عوامل مثل الإجهاد الحراري والجفاف الشديد”.

من الواضح أنّ التغيّر المناخي والاحتباس الحراري ستكون لهما تداعيات وانعكاسات مُتعدّدة على حياة الحيوان، لن تقتصر فقط على حياتنا كبشر… إن كوكبنا لم يعد بخير!

المصدر: النهار العربي