الهجمات على غزة تضاعف عجز التصدي للتغير المناخي

Oct 29, 2023

قالت مديرة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية، عبير البطمة، إن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، بالإضافة إلى آثار أزمة المناخ العالمية والجفاف، قد أضعفت من قدرة القطاع على التصدي للتغير المناخي، ما يؤدي إلى عواقب بيئية خطيرة على المدى البعيد.

وسقط آلاف المدنيين في غزة مع مواصلة إسرائيل هجماتها منذ 7 أكتوبر الجاري، وأدى الدمار الذي شهده القطاع إلى تسليط الضوء على الكارثة البيئية والصحية العامة.

ويواجه سكان غزة، الذين تأثروا سلباً بتغير المناخ لسنوات عديدة، صعوبات في الوصول إلى موارد المياه، خاصة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

معاناة الجفاف

وتعليقا على حالة الحرب الحالية، قالت البطمة “إن فلسطين تعاني من الجفاف وقلة الأمطار بسبب التغير المناخي، كما أن درجات الحرارة ترتفع بشكل كبير جداً في الصيف وتنخفض جداً في الشتاء”.

وأشارت إلى أن “وجود انخفاض في كثافة هطول الأمطار خلال الـ 14 عاما الماضية، وأن التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار لها تأثير على المحاصيل الزراعية ومستويات المياه الجوفية”.

وأكدت أن “إسرائيل تحد من موارد المياه في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الفلسطينية، ويجب الحصول على إذن منها من أجل أنشطة مثل حفر آبار المياه في المنطقة وبناء محطة معالجة، وأغلب هذه الطلبات مرفوضة”.

وتابعت قائلة “إسرائيل تسمح بدخول كمية قليلة جدًا من الوقود إلى قطاع غزة الواقع تحت الحصار، وبما أنه لا يمكن تلبية احتياجات الطاقة لمرافق معالجة المياه، فإن هذه المرافق لا يمكن أن تعمل دائمًا، وهذا يعني أن مياه الصرف الصحي يتم تصريفها في البحر دون معالجة”.

وتطرقت إلى مخاطر ذلك بالقول “نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحي إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، فإن 96% من المياه في المنطقة لا تستوفي معايير المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى ذلك؛ بَنت حكومة الاحتلال سدًا على الحدود الشرقية لغزة، وفتحوا السّد بشكل مفاجئ ما أدى إلى غمر الأراضي الزراعية، وتدمير جزء كبير من المنطقة”.

أزمة المناخ والسياسة

وتحدثت البطمة عن تراكم وتأثير الأزمات بالقول “أزمة المناخ ليست طبيعية فحسب، بل سياسية أيضا في فلسطين، عندما يجتمع التغير المناخي مع الهجمات الإسرائيلية؛ تجف الأراضي الزراعية لعدم توفر المياه لري المحاصيل المزروعة هناك، وبالتالي يتوقف الناس عن زراعة أراضيهم، ما يؤدي إلى تقلص الأراضي الزراعية”.

وأضافت “إنتاج القمح تأثر بشكل خاص بهذا الوضع، وهناك انخفاضا بنسبة 10% في إنتاج القمح بين 2010 و2020”.

وأشارت البطمة إلى أن “الهجمات الأخيرة ستكون لها آثار بيئية خطيرة على المدى الطويل، سنرى هذه الآثار على التربة والمياه والموائل البحرية والهواء، والأهم من ذلك على صحة الإنسان”.

وبيّنت أن “إسرائيل قطعت المياه، ونفدت الموارد في غزة من المياه الصالحة للشرب. يعتمد الناس على المياه المالحة للشرب، وبذلك يعيش الفلسطينيون تحت تهديدين: الاحتلال الإسرائيلي وتغير المناخ”.

وأوضحت أنه “لا يمكننا مكافحة آثار تغير المناخ طالما أن إسرائيل تفرض قيودا علينا، ونحن كفلسطينيين نحاول إيجاد حلول مختلفة للتكيف مع تغير المناخ، ولدينا الحق في الحصول على المياه من مواردنا المائية الخاصة”.

وختمت بالقول “نكافح من أجل تحقيق ذلك، وعلى الرغم من كل هذه القيود، سنواصل العمل لإيجاد حلول، نحن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق العدالة المناخية في فلسطين، ولكن لا يوجد مناخ للعدالة في ظل الاحتلال”.

دراسات تحذر من الجفاف

ووفق دراسة تحمل عنوان “إعادة هيكلة لجنة المياه الإسرائيلية الفلسطينية”، والتي أُعدت من قبل خبراء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في 2019، فإن متوسط ​​هطول الأمطار السنوي في منطقة الشرق الأوسط سينخفض ​​بنسبة 10 إلى 30% بحلول 2100.

وفي نفس الفترة، سترتفع درجات الحرارة بمقدار 3 إلى 5 درجات، وهذا سيزيد من حرارة المنطقة، ولوحظ أنه يمكن أن يؤثر على الإنتاجية الزراعية والإمدادات الغذائية، ما يسبب عدم استقرار الأسعار ونقص الغذاء.

وفي دراسة أخرى بعنوان “خيارات واستراتيجيات التخطيط للمناخ والأمن المائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، تم التأكيد على وصف الأراضي الفلسطينية بأنها “منطقة تعاني من الحرارة والجفاف وندرة المياه؛ ومعرضة للخطر”.

وذكرت الدراسة أن الاحتياجات المائية تتم تلبيتها إلى حد كبير من طبقات المياه الجوفية الجبلية والساحلية وحوض نهر الأردن، لكن معظم هذه الموارد تقع تحت سيطرة إسرائيل، وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 80% من حوض نهر الأردن سوف يجف في غضون بضعة عقود.

تأثير الصراعات

وأشارت الدراسة إلى أن الصراعات المستمرة في المنطقة قد تؤدي بشكل مباشر وغير مباشر إلى تفاقم الجفاف، وتعطيل استمرارية الأنشطة الزراعية والحيوانية، وتسبب في زيادة انتشار الحشرات المختلفة والطفيليات الضارة.

وبحسب الخبراء الذين أجروا الدراسة، تستهدف إسرائيل على وجه التحديد محطات توليد الطاقة وأنظمة تنقية المياه وموارد المياه في غزة، ونتيجة لذلك؛ يتم تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة جزئيًا مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يشكل تهديدات خطيرة على الصحة العامة.

وبينما تذكر منظمة الصحة العالمية أن الحد الأدنى لكمية المياه اللازمة للشخص الواحد يوميا هي 100 لتر، فإن هذا الرقم ينخفض ​​إلى 45 لترا في غزة، و50 لترا في القدس والضفة الغربية، و20 لترا في بعض المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

مقابل ذلك يستهلك المواطن الإسرائيلي 369.5 لترًا من الماء يوميًا، ونتيجة لكل ذلك؛ فإن 660 ألف فلسطيني يعيشون في القدس والضفة الغربية، لا يحصلون على ما يكفي من المياه، في حين يعاني مليون شخص في غزة من ندرة المياه.

وأوضحت الدراسة أن ندرة المياه في غزة دفعت الناس إلى شراء المزيد من المياه من الشركات الخاصة، وحاول 97% من السكان تلبية احتياجاتهم من المياه من صهاريج المياه الخاصة غير المنظمة ومحطات المعالجة الصغيرة غير الرسمية.

وأكدت الدراسة أن 64% من السكان يعيشون في فقر، وأن مياه الشرب أصبحت باهظة الثمن، حيث أن الأسر تنفق ثلث دخلها؛ وفي بعض الفترات نصف دخلها؛ على المياه.

ومنذ بدء المواجهة الراهنة، في 7 أكتوبر الجاري، قطعت إسرائيل عن سكان غزة إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء.

المصدر: وكالة الأناضول