أسبوع المناخ… هل سنتمكن من السيطرة على التغير المناخي؟

Oct 09, 2023

مبادرة المناخ، أو ما يُعرف أيضًا بـ “أسبوع المناخ”، هي حملة عالمية تُعقد سنويًا للتوعية بالقضايا المتعلقة بتغير المناخ والحفاظ على البيئة. تُعتبر هذه المبادرة فرصة للأفراد والمنظمات والمجتمعات للتعبير عن قلقهم إزاء تغير المناخ والتأثيرات البيئية المترتبة عليه. كما أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) التي تم التوقيع عليها في عام 1992م، كانت نقطة انطلاق رئيسية للتعاون الدولي في هذا المجال. وفي العام 1997، تم توقيع بروتوكول كيوتو الذي كان يستهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومنذ ذلك الحين، شهدنا تطورًا على المستوى العالمي في المبادرات والاتفاقيات المتعلقة بتغير المناخ.

ولكن يمكن القول إن المبادرة المناخية اكتسبت مزيدًا من الدعم والانتشار خلال العقد الأخير، حيث بدأت الدول والمجتمع الدولي بالتركيز بشكل أكبر على التغير المناخي وآثاره المحتملة. شهدت باريس في عام 2015م توقيع “اتفاقية باريس للمناخ”، والتي تهدف إلى الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. منذ ذلك الحين، شهدت المبادرات المناخية تعاونًا دوليًا متزايدًا وجهودًا منظمة من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني للتصدي لتغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة.

على مدى السنوات الأخيرة، قامت المملكة العربية السعودية باتخاذ عدة إجراءات هامة فيما يتعلق بمبادرة المناخ والتغير المناخي. في عام 2016م، أطلقت السعودية رؤية 2030، وهي خطة شاملة للتحول الاقتصادي والاجتماعي. تتضمن هذه الرؤية استراتيجية السعودية للطاقة المستدامة، التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة تصل إلى 50٪ بحلول عام 2030.

كما يعتبر مشروع نيوم البيئي إحدى أبرز المبادرات البيئية الرائدة التي تقودها السعودية. يهدف المشروع إلى إنشاء مدينة مستدامة فريدة من نوعها، تعتمد بشكل كامل على الطاقة المتجددة وتعزز التنمية الاقتصادية بصورة مستدامة. ولا تقتصر رؤية المدينة على البيئة فحسب، بل تشمل أيضًا توفير فرص عمل واسعة النطاق في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية المبتكرة. يتوقع أن تكون مدينة نيوم نموذجًا رائدًا في مجال التنمية المستدامة والتكنولوجيا البيئية، وتسهم بشكل كبير في خفض انبعاثات الكربون والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية للأجيال الحالية والمستقبلية.

تعتبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين من بين المصادر البديلة للطاقة التي اعتمدتها السعودية في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة التغير المناخي، حيث يمكن أن تساعد في تلبية احتياجات الطاقة بشكل مستدام ونظيف. تشهد هذه المصادر تطورًا مستمرًا في التكنولوجيا وتصبح أكثر كفاءة واقتصادية. يمكن أن تلعب الطاقة الشمسية دورًا حاسمًا في توليد الكهرباء المتجددة.

من أجل الحد من التأثيرات السلبية لتغير المناخ والحفاظ على كوكبنا، يجب على الدول والشركات أن تتخذ إجراءات فورية للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة. ينبغي على الحكومات أن تتبنى سياسات وقوانين تشجع على الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة وتوفر الحوافز المالية لتشجيع الشركات والأفراد على اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تلتزم الشركات الكبرى بتقديم التزامات قوية للحد من انبعاثات الكربون والاستثمار في البحث لتطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

يعتبر حل أزمة المناخ بلا شك أصعب تحدي مشترك يواجهه البشر على مر التاريخ. إن صانعي السياسات والناشطين وقادة الأعمال يتفقون على هذه الحقيقة الصعبة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار اختلافات كبيرة في الرؤى والاستراتيجيات المتبعة لتحقيق هذه المهمة الهائلة. وفي الوقت نفسه، يولد التنافر المعرفي بين الأمل واليأس تأثيرًا كبيرًا يجعل عقول الجميع تدور في محاولة للتصدي لهذا التحدي العالمي الضخم.

تعمل السعودية بجد لتعزيز جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، فإن هناك مجال لمزيد من التحسين والتطوير، والسعودية تدرك ضرورة الاستمرار في اتخاذ إجراءات إضافية لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة. لذلك أنا لست مع أن يتخلى العالم تدريجيًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، بل مع الاستثمار المتزايد في مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. يجب أن يكون للطلب دور حاسم في دفع هذا التحول، لكن بشكل منطقي لا يضر بالاقتصاد ككل. لكن يبقى السؤال الأهم: هل بعد كل هذه المبادرات العالمية سنتمكن من السيطرة على التغير المناخي؟

بقلم: عبدالرحمن الشريدة – صحيفة مال