كوب28… أمل أفريقيا لتحقيق العدالة المناخية

Sep 23, 2023

من الجفاف الشديد في الشرق، إلى الفيضانات العارمة في الغرب، وصولاً إلى العواصف والأعاصير القوية التي تضرب الشمال والجنوب، تواجه أفريقيا منذ سنوات، سلسلة من التقلبات الجوية العنيفة وأحداث الطقس المتطرفة، بفعل تفاقم ظاهرة التغير المناخي وما يترتب عليها من تبعات.

وقبل شهرين تقريباً من استضافة الإمارات مؤتمر «الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» «كوب28»، الذي يأمل العالم في أن تُدشن خلاله مرحلة تتسم بفاعلية أكبر في التعامل مع الأزمة المناخية، يترقب الأفارقة أن يتمخض هذا الملتقى الدولي شديد الأهمية، عن توافق من شأنه تخفيف العبء الثقيل، المُلقى على كاهل قارتهم، بسبب تصاعد معدلات الاحتباس الحراري، بشكل يبدو غير مسبوق.

فرغم أن دول القارة السمراء، لا تطلق سنوياً سوى ما لا يتجاوز 4% من انبعاثات الغازات الدفيئة على سطح الأرض، فإن ما ينجم عن تغير المناخ، يلحق بها أضراراً كارثية، على نحو لا مثيل له، في أي بقعة أخرى من بقاع الكوكب.

فالجفاف الذي يجتاح الصومال، بأقصى شرق القارة، وهو الأسوأ من نوعه منذ 40 عاماً، أودى بحياة قرابة 43 ألفاً من أبناء هذا البلد خلال العام الماضي، وأجبر نحو 3.8 مليون على النزوح من ديارهم. وفي حين تشهد ليبيا الواقعة في شمال أفريقيا، الكارثة الطبيعية الأكثر فداحة منذ 4 عقود، بعد الفيضانات الأخيرة الناجمة عن العاصفة «دانيال»، التهمت سيول مماثلة العام الماضي مساحات واسعة من أراضي الغرب الأفريقي، وذلك في وقت تشتد فيه وطأة العواصف الاستوائية والأعاصير، في دول بجنوب القارة.

ويحذر الخبراء، من أن هذه الصدمات والتحولات المناخية، ذات التأثيرات طويلة المدى، تجبر الملايين من الأفارقة، على التحول إلى نازحين ولاجئين، وتفضي إلى تصعيد الصراعات على الأراضي الزراعية محدودة المساحة من الأصل، وكذلك على المراعي والمياه الصالحة للشرب، وغيرها من الموارد، ما يقود إلى إذكاء الاضطرابات، وتهديد السلام الاجتماعي، في الكثير من الدول الأفريقية.

ويدعو الخبراء إلى أن تعمل القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، على بلورة نهج استراتيجي، يكفل تقديم دعم أكبر للقارة الأكثر ضعفاً على وجه الأرض، لمساعدتها على مواجهة أزمة المناخ، والتكيف مع متغيراته، خاصة أنها تضم بين جنباتها قرابة 20% من البشر.

ويستوجب ذلك، وضع استراتيجيات استباقية للتعامل مع تبعات التغير المناخي، تشمل مشاركة مؤسسات مالية دولية، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، وإقامة شراكات عادلة مع الدول الأفريقية وبلدان الجنوب، تستهدف معالجة المظالم التي تعاني منها، بسبب التهديد المناخي.

وأبرز الخبراء ما أورده «إعلان نيروبي» الذي تمخض عن أول قمة أفريقية بشأن المناخ، عُقِدَت مطلع الشهر الجاري في كينيا، من دعوة لدول الشمال الأكثر ثراء، للوفاء بتعهدات قطعتها على نفسها عام 2009، بتقديم مئة مليار دولار سنوياً لمدة 11 عاماً، لدعم الدول الهشة والنامية التي تواجه الصدمات المناخية.

كما تضمن الإعلان مقترحاً، بإنشاء ما وُصِفَ بـ«هيكل تمويلي جديد، يتكيف مع احتياجات أفريقيا، بما في ذلك تخفيف عبء الديون» التي تلقي بعبء هائل على اقتصاداتها، داعياً في الوقت نفسه، إلى «تأييد طرح فرض نظام ضريبة على الكربون، بما يشمل تجارة الوقود الأحفوري والنقل البحري والطيران».

وأشار الخبراء، إلى أن انعقاد القمة شَكَّلَ مؤشراً يفيد بنجاح أفريقيا في تحقيق تقدم جزئي على طريق اتخاذ موقف موحد لمواجهة مخاطر التغير المناخي، على الرغم من أنها لم تسفر عن صياغة موقف قاريّ موحد على هذا الصعيد.

وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمؤسسة «معهد الولايات المتحدة للسلام» التي أسسها الكونجرس منتصف ثمانينيات القرن الماضي، شدد الخبراء على ضرورة إتاحة الفرصة للحركات والمنظمات غير الحكومية الأفريقية المعنية بشؤون تغير المناخ وحماية البيئة، للاضطلاع بدور أكبر في القمة المناخية المقبلة في القارة، المقرر عقدها عام 2025.

المصدر: صحيفة الاتحاد