تغير المناخ يضيف تكاليف ومخاطر في أماكن العمل

Sep 11, 2023

تولّد موجة الحر التي تضرب الكثير من مناطق العالم بسبب تغير المناخ أعباء مالية إضافية، فضلا عن المخاطر في أماكن العمل التي لا تبدو محمية بالشكل المطلوب.

وكما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من آسيا وأفريقيا تعرضت ولايات أميركية كثيرة لدرجات حرارة قياسية هذا الصيف وتسببت في فقدان العديد من العمال.

وفي حالة تعكس هذا الوضع المقلق، توفي كريس بيغلي البالغ من العمر 57 عاما، الذي يعمل في يو.بي.أس العالمية للشحن والحلول اللوجستية نهاية أغسطس الماضي، بينما كانت نقابته تصدق على صفقة مع الشركة بشأن تحسين الحماية من الحرارة.

وقالت نقابة سائقي الشاحنات في بيان بشأن أحكام مثل الوعد بتضمين تكييف الهواء في شاحنات التوصيل الجديدة اعتبارًا من العام المقبل وتحديث المركبات الحالية “يجب أن يكون كريس بيغلي على قيد الحياة ليختبرها”.

وفي بيان لوسائل الإعلام المحلية، قالت يو.بي.أس إنها “تتعاون مع السلطات أثناء التحقيق في سبب الوفاة”. وأضافت “ندرب موظفينا على التعرف على أعراض الإجهاد الحراري، ونستجيب فورا لأي طلب مساعدة”.

وبما أن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي إلى نوبات متكررة من الحرارة الشديدة في جميع أنحاء العالم، فإن العمال هم من بين أكثر الفئات تعرضًا لمخاطر صحية خطيرة لأن سبل عيشهم غالبًا ما تعتمد على استمرارهم في العمل.

وفي الوقت نفسه، تشير الدراسات إلى أن الإنتاجية تبدأ في الضعف عند درجات حرارة أعلى من 24 إلى 26 درجة مئوية وتنخفض إلى النصف بالنسبة لبعض المهام من حوالي 33 إلى 34 درجة مئوية وهي مستويات تم تجاوزها مرارا في عام واحد.

وقالت هالشكا غراتشيك، المتخصصة في هذه القضية في منظمة العمل الدولية، لرويترز “على عكس بعض مخاطر السلامة المهنية، فإن هناك تأثيرا مباشرا من الحرارة على صحة العمال وتأثيرا مباشرا على الإنتاجية”.

وعن نسبة التكلفة إلى الأرباح التي ستبدأ المزيد من الشركات في مواجهتها تساءلت غراتشيك “هل يُعقل أن يستمر صاحب العمل في تشغيل موقع العمل في ذلك اليوم إذا كانت درجة الحرارة أكثر من 35 درجة مئوية والإنتاجية أقل من 50 في المئة مما يتوقعه؟”.

وكانت دراسة لمنظمة العمل الدولية قد أشارت إلى أن المتوقع فقدان ما يعادل 2.2 في المئة من إجمالي ساعات العمل حول العالم بنهاية العقد الحالي بسبب ارتفاع الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية.

وذكرت المنظمة الأممية أن ذلك يعادل 80 مليون وظيفة بدوام كامل مما سيكلف الاقتصاد العالمي 2.4 تريليون دولار.

ووفقا لشبكة سي 40 للمناخ، ثمة حوالي 200 مليون شخص في المدن معرضون لخطر الحرارة الشديدة، وهو رقم من المتوقع أن ينمو ثمانية أضعاف بحلول العام 2050.

وفي حين أن الحدود القصوى لدرجات حرارة العمل قد تمنع بعض الإصابات، إلا أنها لا تأخذ في الاعتبار حقيقة أن العمال يعانون من التوتر بشكل مختلف، وفقًا لدورهم الوظيفي وملفهم الصحي.

وقال أوين تيودور، نائب الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال، إن “الرقم الموجود على منظم الحرارة ليس بنفس أهمية تقييم المخاطر والتحدث إلى القوى العاملة”.

وقد تسفر المشاورات عن حلول رخيصة نسبيا، واستشهد تيودور بمثال مصنع لتعليب اللحوم الذي وجد أنه يمكن أن يقلل من انتقال الحرارة من عامل إلى آخر ببساطة عن طريق المباعدة بين كل منهما.

والحلول الأخرى لها تداعيات مجتمعية أوسع، إذ إن تحويل ساعات العمل الذي يُستشهد به كثيرًا إلى الساعات الأكثر برودة في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من المساء يجعل العمال مضطرين إلى إعادة ترتيب رعاية الأطفال أو مواجهة خيارات النقل العام المحدودة.

ومع ذلك سيكون للأتمتة دور تلعبه. وقال صانع النبيذ الفرنسي جيروم فولي لرويترز إنه “حصد الحصاد قبل فجر هذا العام مما أدى إلى ميكنة معظم العملية لتجنب درجات الحرارة أثناء النهار التي تصل إلى 42 درجة مئوية والتي تجهد كل من المصنع والعامل”.

وبدأ التعرض للحرارة يبرز بالفعل باعتباره مصدرا لتظلمات العمال سواء كان ذلك بسبب الإضرابات التي نظمها العاملون في موقع الأكروبوليس السياحي اليوناني في يوليو الماضي، أو جراء الدعوى القضائية الناجحة التي رفعها صاحب عمل صيني في العام الماضي بسبب وفاة عامل نظافة بضربة شمس.

ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات أعلى، فإن ممارسات الأجور والأداء المفضلة حاليا في بعض القطاعات على سبيل المثال العمل بالقطعة وأهداف الإنتاج التي تثني العمال عن أخذ فترات الراحة قد يتبين أنها لا يمكن الدفاع عنها.

وفي خضم ذلك إذا أدى حدث مناخي شديد مثل الإعصار إلى تدمير مصنع، يتساءل البعض عما إذا كانوا سيحصلون على رواتبهم.

وقال كريستمان من برنامج مشروع قانون العمل الوطني “أن.إي.أل.بي” إن “تغير المناخ يمثل نقلة نوعية، حيث يتعين علينا جميعًا إعادة التفكير في هذه الافتراضات الاقتصادية القديمة”. وأضاف إن “مجرد تطبيق معايير الحماية في مكان العمل لن يكون كافيًا”.

المصدر: صحيفة العرب