خطوات جادة باتجاه الحياد الصفري في البحرين

Sep 05, 2023

اتخذت دولة البحرين خطوات جادة ومهمة باتجاه خفض نسبة انبعاثات الكربون من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات والمبادرات.

يأتي ذلك في إطار التزام المملكة بالوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول العام 2060.

وفي هذا السياق نفذت المملكة مشاريع مهمة تتعلق بزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، علاوة على تفعيل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتحقيق التنمية المستدامة، والتزام البحرين بدورها في منظومة المجتمع الدولي والاهتمام بقضايا التصدي للتغير المناخي.

وتضع البحرين مستقبل الطاقة وتنمية الموارد والاستدامة ضمن أولوياتها الوطنية، إضافة إلى استمرارها في العمل على تطوير البنية التحتية وإعداد البرامج والاستراتيجيات على المستوى الوطني، لتحقيق الأهداف المرجوة من خطة المملكة للطاقة المتجددة وخطة كفاءة الطاقة.

وخلال مشاركته في النسخة الثانية من المؤتمر العالمي للمرافق في أبوظبي في مايو/آيار الماضي لمناقشة الالتزامات الإقليمية والوطنية لخفض الانبعاثات قبل مؤتمر المناخ COP 28 ، شدد وزير شؤون الكهرباء والماء البحريني ياسر بن إبراهيم حميدان على أهمية التعاون المشترك بين مختلف دول العالم في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة والمتمثلة في حماية كوكب الأرض، وتحقيق الاستدامة بما يتماشى مع المواثيق الدولية.

فرص مواتية للاستثمار

تسعى المملكة لزيادة نصيب الطاقة المتجددة من المزيج الكلّي للطاقة بنسبة 5%، أي ما يعادل نحو 250 ميغاواط بحلول 2025، وبنسبة 10% بحلول عام 2035.

وتنظر البحرين إلى مجال الطاقة المتجددة كفرصة مواتية للاستثمارات الأجنبية، حيث تحرص على تشجيع مشاريع الطاقة المتجددة وزيادة نسبة موارد الطاقة المتجددة في المزيج الكلي للطاقة.

وفي سبيل ذلك الهدف تولي البحرين الشراكة مع القطاع الخاص على النطاق الوطني والإقليمي أهمية خاصة، حيث تعد الشراكة ركيزة لاستراتيجية وزارة شؤون الكهرباء والماء بمملكة البحرين، بما يواكب التحركات العالمية في هذا المجال بالغ الأهمية.

مساعي البحرين لا تتوقف للتوسع في مشاريع الطاقة الشمسية على أسطح المباني، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لمواكبة أحدث التكنولوجيات العالمية في تقنيات الهيدروجين الأخضر وحلول التنقل المستدام بما فيها تشجيع استخدام المركبات الكهربائية.

وأشار الوزير حميدان في تصريحات سابقة إلى أن مملكة البحرين تدرس بشكل دائم حلول مبتكرة نوعية بشأن المساحات ومحدوديتها، مشددا على حرص بلاده على اعتماد سلسلة من المبادرات لخفض مستوى الكربون، من أبرزها الدفع نحو تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والتوعية بأهمية الاستفادة من الطاقة المتجددة والترويج لها، لتحقيق مخطط المملكة للحياد الصفري لانبعاثات الكربون بحلول عام 2060.

وستسلط البحرين خلال مشاركتها في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28” الذي تستضيفه دولة الإمارات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل الضوء على جهودها لخفض الانبعاثات الكربونية على المستوى الوطني.

وتتكامل جهود البحرين لخلق فرص استثمارية خضراء عبر تقديم المملكة في صورة تتسق مع التوجه العالمي للمستقبل الأخضر وتحقيق استدامة التنمية، وعلى سبيل المثال يؤكد الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض ناصر قائدي أن مركز البحرين العالمي للمعارض رُوعي في تصميمه المعماري الفريد عدة عناصر صديقة للبيئة، ويمثل نقلة نوعية في التوسع بمشروعات الطاقة المتجددة على مستوى المملكة.

وسيعزز المركز مكانته العالمية بصفته منشأة صديقة للبيئة تتبنى أفضل تطبيقات الطاقة النظيفة، ما يجعله وجهة مفضلة مستدامة لاستضافة مختلف كبرى الفعاليات الإقليمية والدولية، بحسب قائدي.

كما تواصل هيئة الطاقة المستدامة في البحرين اعتماد خطتها الاستراتيجية للمركبات الكهربائية، ووضعت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، المواصفات والاشتراطات للمركبات الكهربائية، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ 2021.

أكبر مشروعات الطاقة الشمسية

أعلنت البحرين، منتصف اغسطس/آب الماضي توقيع اتفاقيات مشروع “72 ميغاوات للطاقة الشمسية”، الذي سيساهم في تغطية احتياجات الطاقة في المملكة، وفق وكالة أنباء البحرين الرسمية.

ويشكل مشروع “72 ميغاوات للطاقة الشمسية” ما نسبته 28% من هدف البحرين بتحقيق 250 ميغاوات من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2025.

ويزداد توجه بلدان العالم نحو مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار في مصادر للطاقة بديلة عن الوقود الأحفوري، لتقليل الانبعاثات الكربونية ومجابهة تغير المناخ الذي يتسبب في كوارث طبيعية.

ويمثل المشروع أهمية خاصة للبحرين لعدة أسباب:

– يُعتبر أكبر مشروع للطاقة الشمسية في البحرين.

– يشكل ما نسبته 28% من هدف البحرين بتحقيق 250 ميغاوات من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2025.

– سيتم بناء محطة الألواح الشمسية على أسطح المباني، ومظلات مواقف السيارات، والأراضي المخصصة في هذه المرافق.

– سيساهم في خفض انبعاثات الكربون، بما يتماشى مع هدف البحرين بالوصول للحياد الصفري بحلول العام 2060.

ورغم أن المملكة لم تعلن وفق الإعلام البحريني المزيد من التفاصيل بشأن مشروع “72 ميغاوات للطاقة الشمسية” إلا أن المشروع وفق خبراء الطاقة هو أكبر مشروعات المملكة للطاقة الشمسية بشكل عام.

كما يأتي المشروع مكملًا لمساعي الحكومة لدعم جهود ومبادرات مواجهة تحديات التغير المناخي، و يندرج ضمن مبادرات الخطة الوطنية للطاقة المتجددة، ويؤكد أهمية التوسع في استعمال الطاقة الشمسية من أجل الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد.

ويندرج مشروع “72 ميغاوات للطاقة الشمسية” ضمن المشروعات التنموية التي تُسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للوطن وللمواطنين في البحرين، ويصب في إطار الالتزامات الدولية للمملكة.

ويؤكد الرئيس التنفيذي لحلبة البحرين الدولية الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة، أن المشروع ينسجم مع خطة الحلبة للتوسع في استعمال الطاقة الشمسية في البحرين، إذ سيضمن تشغيل جميع المباني والمنشآت ودعم العمليات التشغيلية بوساطة الطاقة المتجددة بصورة مستمرة وعلى مدار العام.

وأضاف: “كما يدعم العمليات التشغيلية خلال استضافة حلبة البحرين الدولية للفعاليات والمحافل العالمية والإقليمية والمحلية، ما يُسهم في دعم تحقيق التزامات الحلبة مع شركائها، للإسهام في تقليل الانبعاثات الكربونية وصولًا إلى الحياد الكربوني”.

وتحرص حلبة البحرين الدولية حريصة على تحقيق الاستدامة، حيث اتخذت العديد من التدابير للإسهام في الحد من استهلاك الكهرباء وتقليل انبعاث الكربون، وبفضل تلك الجهود تُعد جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا وان 2023 السباق الأكثر استدامة من السباقات التي تمت استضافتها في المملكة.

جاء ذلك من خلال مناقصة حلبة البحرين الدولية لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح مواقف السيارات، لإنتاج مايقرب من 3 ميغاواط من الطاقة النظيفة، والتي طرحت عام 2021.

حلبة البحرين الدولية هي احد الإنجازات الحضارية الكبرى للملكة وهو مضمار سباق سيارات يقع في منطقة الصخير بمملكة البحرين، تقام عليها منافسات جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1 سنوياً، بالإضافة إلى سباقات الدراغ وسباقات أخرى مثل سباق سلسلة “جي بي 2″ (GP2) و”في 8 سوبركارز” الأسترالي (V8 Supercars).

ثقافة الاستدامة

يؤكد رئيس جامعة البحرين الدكتور فؤاد محمد الأنصاري، أن الجامعة الوطنية في المملكة حريصة على نشر ثقافة الاستدامة والمحافظة على البيئة ومواردها، مشيرًا إلى أن مشروع توظيف الطاقة الشمسية في مباني الجامعة ومرافقها يأتي متماشيًا مع استراتيجيتها في التنمية المستدامة.

وأوضح أن الإسهام في ترسيخ مكانة البحرين بصفتها نموذجًا يعتمد على اقتصاد مستدام منخفض الكربون يعد من أبرز أولويات جامعة البحرين، إذ تعمل على بناء القدرات وتشجيع البحث والابتكار في مجالات الطاقة المستدامة، والوقوف على الفرص المتاحة في مجالات تنويع مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة الثقة في الطاقة الشمسية بصفتها بديلًا للطاقة الأحفورية.

وذكر أن الجامعة طرحت مؤخرًا برنامج ماجستير العلوم في أنظمة تحول الطاقة المستدامة، الذي يعد البرنامج الأول من نوعه في المملكة، والذي يُعنى بتحول قطاع الطاقة من الأنظمة القائمة على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة واستهلاكها (مثل النفط، والغاز الطبيعي، والفحم)، إلى مصادر بديلة ذات انبعاثات منخفضة الكربون.

وأكدت الأمينة العامة لمجلس التعليم العالي، الشيخة رنا بنت عيسى آل خليفة، أن البحرين تمتلك تجربة مميزة، وحققت إنجازات ومبادرات رفيعة في مجال استخدام الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، وتسير بخطوات واثقة وجهود متكاملة للوصول إلى الحياد الكربوني.

وتحتضن المملكة سنويا في هذا الإطار المنتدى الدولي للطاقة المتجددة والذي جاءت نسخته العام الماضي تحت شعار “التغير المناخي والطاقة المتجددة: إستراتيجيات التبريد وتحويل النفايات إلى طاقة والمباني الخضراء المستدامة والبيئة النظيفة” بتنظيم من جامعة المملكة والشبكة الدولية للطاقة المتجددة.

وتستهدف المملكة تشجيع البحث العلمي في هذا المجال، بالإضافة الى التعريف والتنبيه بمخاطر التغير المناخي وبحث الطرق المختلفة لتقليل الاعتماد على الكهرباء المنتج من مصادر أحفورية مثل الغاز الطبيعي وتقليل البصمة الكربونية والوصول إلى الحياد الكربوني.

وتنشط وزارة شؤون الشباب وبالتعاون مع وزارة شؤون الكهرباء والماء في تنظيم ورش عمل بشأن الاستخدام الأمثل للطاقة وكفاءة الطاقة المتجددة” بهدف رفع مستوى الوعي بشأن الاستخدام الأمثل للطاقة وأهمية الاستفادة من الطاقة المتجددة ومصادرها ودورها في الحياة العامة.

المصدر: العين الإخبارية