أمامنا 7 سنوات لوقف تدهور المناخ
لم يعد هناك مجال للشك في ما إذا كان تغير المناخ وفقدان الطبيعة سيؤثران في الطريقة التي نعيش ونمارس أعمالنا بها. يدرج تقرير «WEF Global Risk Report» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في وقت سابق من عام 2023، خمسة مخاوف بيئية من بين المخاطر العشرة الأولى التي تواجه الاقتصادات والمجتمعات في غضون 10 سنوات. ومن بين هذه المخاطر، يرتبط الخطران الرئيسيان ارتباطاً مباشراً بالمناخ: «الفشل في التخفيف من تغير المناخ» و«الفشل في التكيف مع تغير المناخ».
يحذر العلماء من أن أمامنا سبع سنوات فقط للعمل على الحد من الاحترار العالمي، بحيث لا يتعدى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية. وهذا التصور هو أفضل السيناريوهات؛ حيث إن أي زيادة عن 1.5 درجة مئوية يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات كارثية.
ونحن نرى بالفعل آثار عودة ظاهرة «النينيو» هذا العام، مع الاحترار العالمي الناجم عن أنشطة بشرية، وكيف عملت على دفع درجات الحرارة السطحية العالمية إلى مستويات أعلى بشكل مؤقت وتسببت في طقس لا يمكن التنبؤ به في مختلف أنحاء العالم. فأصبح جلياً أنه علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لكبح جماح التهديد المتتالي المتمثل في تغير المناخ. ويجب علينا أن نتحرك بسرعة لمنع العواقب التي لا رجعة فيها.
ويذكرنا تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأن كل قطاع يمتلك الأدوات اللازمة لخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030، مثل الحلول التكنولوجية منخفضة الكلفة، والتي ستنعكس على مستوى الاقتصاد بالكامل، وكذلك الطاقة المتجددة التي أصبحت الآن أرخص بنسبة 85% عن ما كانت عليه في عام 2010. والطبيعة في حد ذاتها هي قوة هائلة، وهي حليف مهم في جهود التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه: تظهر الأبحاث أن الحلول القائمة على الطبيعة يمكن أن تحقق أكثر من ثلث تخفيضات الانبعاثات المطلوبة بحلول عام 2030 لبقاء ارتفاع درجات الحرارة عند أقل من درجتين مئويتين. إن العمل المتسارع أمر بالغ الأهمية لتنفيذ هذه الحلول.
ويدعو اتفاق باريس التاريخي، الذي تم اعتماده في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP21) في عام 2015، كل دولة إلى وضع خطط عمل مناخية وتقديمها كمساهمات وطنية محددة (NDCs)، والتي سيتم تحديثها كل خمس سنوات ومواءمتها لتحقيق هدف خفض درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.
ويشير العلم إلى أنه على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه الكثيرون، فمن المتوقع أن تؤكد نتائج أول تقييم عالمي سيتم خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP21) أن العالم بعيد كل البعد عن تحقيق الأهداف المتوافقة مع اتفاق باريس.
ولسد فجوة الانبعاثات، من الضروري، إلى جانب وضع السياسات والخطط الحكومية القوية على المستوى الوطني، أن يتكاتف جميع أصحاب المصلحة لخفض الانبعاثات، إضافة إلى دمج العمل المناخي في عملية صنع القرار. ويشمل ذلك الهيئات شبه الحكومية التي تعمل على المستوى المحلي أو الإقليمي والجهات الفاعلة الأخرى غير الحكومية، مثل المدن والمؤسسات الأكاديمية والتحالفات والمنظمات غير الحكومية والشركات والمنظمات.
وكما أكَّد الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً، فإن «العالم يحتاج إلى العمل المناخي على كافة الجبهات، كل شيء، في كل مكان، وفي وقت واحد».
وتعمل دولة الإمارات على تمهيد الطريق لعمل أصحاب المصلحة المتعددين على أرض الواقع من خلال اتباع نهج قطاعي لتحقيق هدفها الوطني المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني، إضافة إلى تسريع وتيرة إزالة الكربون التي تم الإعلان عنها في مساهمتها الوطنية المحددة التي تم تحديثها مؤخراً.
والخبر السار أن الجهات الفاعلة غير الحكومية في مختلف أنحاء القطاع الخاص أصبحت مدركة مدى الترابط الوثيق بين تغير المناخ والطبيعة وسير أعمالها. تتطور استدامة الشركات لتتجاوز الإدارة التقليدية للشركات، وتركز على معالجة «الأهمية المادية المزدوجة» للمناخ في عملياتها: تأثير الشركات وتأثرها بتغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وندرة المياه، وتدهور الأراضي، وما إلى ذلك. ولا تستطيع أي منظمة بمفردها أن تتحمل العبء أو أن تقوم بمثل هذه التغييرات بمفردها. ويشكل الحوار والشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين، أهمية بالغة في التغلب على الحواجز المشتركة وتوسيع نطاق العمل بالمعدل الذي نحتاج إليه ليصبح للعمل أثر كبير وقيمة. ويمكن للتحالفات بين القطاعين الخاص والحكومي، فضلاً عن المنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية، أن تلعب دوراً رئيسياً في تحديد الحلول ومضاعفتها بشكل جماعي على أرض الواقع. وتقع مثل هذه الشراكات في صميم عملنا في جمعية الإمارات للطبيعة.
تدرك جمعية الإمارات للطبيعة، أن الطريق إلى إزالة الكربون أمر معقد، وأطلقت الجمعية تحالف الإمارات للعمل المناخي (UACA) لجمع الجهات الفاعلة غير الحكومية عبر القطاعات للتآزر والتعاون ولتكون أكثر طموحاً في تحقيق أهدافها الخاصة لتحقيق الحياد الكربوني.
وبدعم من وزارة التغير المناخي والبيئة، وتماشياً مع الحملة العالمية للأمم المتحدة «السباق نحو الصفر»، يزود التحالف أصحاب المصلحة بالأدوات والخطط ويعمل على بناء قدراتهم، ويوفر لهم منصة للتعاون متعدد الأطراف، من أجل تفعيل السياسات والحلول الفعلية التي يمكن أن تحقق مستقبلاً حيادياً للكربون.
من المهم أيضاً العمل، في الوقت نفسه، على «احتجاز» الكربون المخزن على الأرض، وتجنب الانبعاثات الإضافية الناجمة عن تغير استخدام الأراضي وإزالة الغابات وفقدان الموائل الساحلية. إن حماية واستعادة أحواض الكربون الطبيعية والأراضي المتدهورة هي استراتيجية ناجحة بكل تأكيد، وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، يمكن أن تساعدنا بشكل كبير على مكافحة تغير المناخ.
ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) واستضافته في دولة الإمارات العربية المتحدة، هذا هو أفضل وقت للشركات والمنظمات المحلية، لتكون جزءاً من الزخم العالمي نحو مسار موثوق به لتحقيق الحياد الكربوني، وخلق إرث لاقتصاد الإمارات العربية المتحدة يتجاوز مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28). يجب على الشركات الاستعداد لزيادة قدرتها القيادية لتحقيق الصالح العام إذا كانت ترغب في أن تلحق بركب السوق العالمية المتغيرة باستمرار.
ويجب علينا أن ننظر إلى ذلك باعتباره فرصة لبذل مزيد من الجهد، والعمل بشكل أسرع، وجمع كل العناصر الضرورية للحد من الانبعاثات بما يتماشى مع الحقائق العلمية. لقد بدأ العد التنازلي للسنوات السبع بالفعل.
بقلم: مارينا أنتونوبولو – صحيفة الخليج